تمهيد
الأرض هي الكوكب الثالث من مجموعتنا الشمسية ، وفوق رحبها أوجدنا الله سبحانه وتعالى إلى حين معلوم ، ومنها خلقنا سبحانه وفيها يعيدنا ومنها يخرجنا يوم القيامة تارة أخرى ، إلى دار الحساب وموطن الثواب والعقاب ، ولقد بثّ الحق سبحانه في الأرض دلائل وآيات تنبّه الإنسان إن هو ضلّ عن طريق الحق ، وتنكّب مسلك الإيمان ، على وحدانية الله وإفراده في الخلق والأمر ، وفي هذا المعنى يقول الله سبحانه وتعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) (١).
وعطاء هذه الآيات مستمر لا ينقطع ، وهذا العطاء يرفد العقل البشري في كل زمان حسب طاقته في استيعاب الحقائق التي تكشفت للإنسان ، فأصبح بمقدوره أن يهضمها ويتفاعل معها ، وبالتالي ينتقل إدراكه لهذه الحقائق من عالم الذهن النظري التجريدي ، إلى إشراقات اليقين الذي استقر في قلبه وشاهده في الواقع.
وهذه الآيات التي ذكرتها الآية الكريمة آنفا والتي تغذي عقل المؤمن وقلبه باليقين ، سيتحدث إن شاء الله عن طرف منها ، قد أماط اللثام عنه العلم الحديث ، وأشار إليه كتاب الله المعجز ، وسيتمحور هذا البحث للحديث عن كروية الأرض ، تلك المسألة التي دار حولها نقاش طويل عبر الأزمنة والأحقاب ، حتى توصل العلماء إلى اليقين الجازم بكرويتها ، إلا أن القرآن الكريم حسم القضية منذ نزوله على قلب الحبيب صلىاللهعليهوسلم وأشار إلى كرويتها ، كما سيتطرق للحديث عن دوران الكرة الأرضية وكيف أن الحق أشار في القرآن الكريم أن الأرض تدور ، ثم توصلت دراسات العلماء لهذه الحقيقة ، وكذلك سيركّز على قضية الجاذبية الأرضية ، هذا القانون الرباني الذي يلف العالم بأسره من كبيره إلى صغيره ، نجد أن الحق تبارك وتعالى أثبته في صفحات قرآنه المجيد ثم جاء العلماء فكشفوا عنه وقرروه ، ثم يعرج للحديث عن الغلاف الجوي للكرة الأرضية وإشارات القرآن لمسألة المنافذ في الغلاف الجوي ، هذه المسألة التي أصبح لها أهمية كبيرة في وقتنا الحاضر.
__________________
(١) سورة الذاريات ، الآية : ٢٠.