إذا يمكن القول : إن جاذبية الأرض هي التي (تقدم لنا نقط الاستهداء فيما نقوم به من أعمال المساحة والهندسة ، فإذا ربطنا جسما ثقيل الوزن بسلك ليّن تحمله نقطة ثابتة ، نجد أن ليونة السلك تدفع به في اتجاه الخط الذي يتبعه الجسم مدفوعا إليه نحو الأرض بقوة الجاذبية ، وهو ما يستعمله البنّاءون للتأكد من استقامة البناء ، ويسمى الفادم ، كما أنه يجسد خطوط جاذبية الأرض ، وهذه الجاذبية التي تدفع الأجسام للسقوط نحو سطح الأرض ، ليست قوة خاصة بل هي حالة خاصة من حالات الجاذبية العامة ، والجاذبية التي يمارسها جسمان تخضع لمبدأ الجاذبية المعروف وهو : أن الأجسام تتجاذب بالنسبة إلى مقدار مادة كل منها ، وبمقدار معاكس لمربع أبعادها ، ولما كان كوكب الأرض كروي الشكل تقريبا ، وهو خاضع لقانون الجاذبية ، وتفوق مواده مواد الأجسام المحيطة به ، فإن الجسم الذي يخضع لجاذبية الأرض يندفع نحو سطحها باتجاه مركزها الوسطي ، وهو ما يمكن مشاهدته في كل حين تأكيدا لصحة مبدأ الجاذبية المذكورة آنفا المسيطر على تحركات الفضاء) (١).
الإعجاز :
رأينا كيف أن قانون الجاذبية يشمل الكون بأسره ، ويعمل بخفاء ولطف لتعود منافعه على الخلائق كلها ، فسبحان الذي بحكمته رتب قوانين الحياة على هذا النسق ، ويسرها كلها للإنسان وسجلها آيات معجزة في قرآنه ببيان واضح قبل أن يكتشفها العلماء ، ليظل الإنسان شاكرا ومعترفا بفضل ذي الجلال والإنعام.
__________________
(١) الأرض في رحاب الكون ، يمنى زهار ، بيروت ، دار الآفاق ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٩ ه / ١٩٨٨ ، ص ٦٢.