وهو ضد القدرة ، وفي حديث عمر : لا تلثّوا بدار معجزة ، أي لا تقيموا ببلدة تعجزون فيها عن الاكتساب والتعيش) (١).
المعجزة اصطلاحا :
رأينا أن مدلول كلمة : عجز ، أعطانا عدة معاني ، وإن تباينت بعض الشيء تبعا لاشتقاقاتها إلا أنها تدل بمجملها على الضعف ، وهذا المصطلح مفتقر إلى قرينة تدل على معناه عند ما يرد في سياق الكلام ذلك لأنه مبهم إذا ما جرد عن القرائن ، ويتضح هذا الذي نقول عند ما نطلق كلمة العجز على شخص ، فنقول على سبيل المثال : زيد من الناس أصابه عجز ، فما هو هذا العجز يا ترى؟ هل عجز في جسده ، وما هو نوعه وصفته ، أم أنه عجز مالي ، أم أنه عجز في الإدراك والتفكير وكذلك الأمر إذا أطلق هذا اللفظ في شتى جوانب الحياة ، غير أن علماء الكلام إذا أطلقوا مصطلح «المعجزة» فإنهم يعنون به المعنى الاصطلاحي الذي نثبته هنا ، يقول السيوطي : (المعجزة ، أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة ، يظهره الله على يد رسله) (٢).
وهكذا عرّف المعجزة ابن خلدون في مقدمته ، حيث يقول : (إن المعجزات هي أفعال يعجز البشر عن مثلها فسميت بذلك معجزة ، وليست من جنس مقدور العباد ، وإنما تقع في غير محل قدرتهم) (٣).
ومن خلال استعراض تعريف المعجزة ، يمكن لنا أن نتبين شروطها ، وسترد هذه الشروط كما ذكرها الإيجي (٤) في المواقف بشكل موجز :
__________________
(١) تاج العروس من جواهر القاموس ، محب الدين السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي ، بيروت ، دار الفكر ، تحقيق : علي شيري ١٤١٤ ه ، ٨ / ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ، جلال الدين السيوطي ، بيروت ، عالم الكتاب ، د. ت ، ٢ / ١١٦.
(٣) المقدمة ، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون ، بيروت ـ صيدا ، المكتبة العصرية ، تحقيق ، درويش جويدي ، ١٤٢٢ ه ، ص ، ٩٠.
(٤) ت ٧٥٦ ه ، عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار قاضي قضاة الشرق وشيخ العلماء بتلك البلاد العلامة عضد الدين الإيجي الشيرازي شارح مختصر ابن الحاجب الشرح المشهور وغير ذلك من المؤلفات المشهورة في العلوم الكلامية والعقلية ، كان إماما في علوم متعددة محققا مدققا ذا تصانيف مشهورة منها شرح المختصر لابن الحاجب ، والمواقف ، والجواهر ، وغيرها في علم الكلام ، مولده بإيج بعد سنة ثمان وسبعمائة. انظر : طبقات الشافعية ، لأبي بكر أحمد بن محمد ابن عمر ، بيروت ، عالم الكتاب تحقيق ، الحافظ عبد العليم خان ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٧ ه ، ٣ / ٢٧ ، بتصرف.