إذن ، ندرك من معطيات النص القرآني أن الجبال كلما كانت شامخة عالية ، كان الماء أوفر من جهة ، ومن جهة أخرى كان عذبا فراتا ، وليس ملحا أجاجا ، فما ذا قال العلم في هذا؟.
الحقائق العلمية :
إن هذا التصور القرآني الدقيق ، وهذه الإشارة العلمية الربانية ، قد كشف عنها العلم ، وأثبتها علماء الجيولوجيا ...
(فهذه الآية القرآنية معجزة تربط بين ارتفاع الجبال وتكون الجليد الذي يكلل هاماتها ، لانخفاض حرارتها تحت الصفر ، فالبرودة تكثف بخار الماء الموجود بالجو على قمم هذه الجبال ، إذا زاد ارتفاعها عند حد خاص يتوقف على موقعها قدره ٢ ، ١ ، ٧ ، ٢ ، ٥ ، ٥ كم ، بالنسبة لجبال النرويج والألب والكليمنجارو على الترتيب ، لأن هذه الارتفاعات هي الحد الأدنى لتكوّن الثلج الدائم لانخفاض حرارتها بالدرجة اللازمة لتكثيف البخار من الهواء الرطب المحيط بها في هذه المناطق على الترتيب ، وهذا الماء يتجمّد على هيئة ثلج يغطي القمم والسفوح الشامخة الباردة ، وينصهر هذا الثلج تحت ضغط الجليد العلوي المتراكم فوقه باستمرار ، فيسيل الماء العذب على سفوح هذه الجبال بتأثير الجاذبية إلى أسفل ، ولن تنفذ هذه الثلوج على قمم الجبال باستمرار ذوبان أطرافها السفلى ، لأنها كما تسيل باستمرار تتجدد أيضا باستمرار عملية التكثف لبخار الماء من الجو المحيط بهذه القمم ، ولو لا هذه الظاهرة العجيبة لجفت الأنهار إذا انقضت فصول الأمطار عند منابعها ، وتنكير الماء في هذه الآية يفيد العموم ، بحيث يشمل كلا من ماء الأمطار والماء المنحدر من جليد شوامخ الجبال التي تعمل كالإسفنج ، لتجميع وترشيح الماء العذب النقي من بخار الجو المحيط) (١).
وفي «دائرة المعارف الثقافية» نجد حول هذه الحقيقة ما يلي : (عند ما تدفع الرياح كتلة هوائية حارة مشبعة ببخار الماء ، وتصادف في طريقها منطقة جبلية ، تصطدم الكتلة الهوائية بالجبال فتوقف مسيرتها ، لكن الريح تستمر في دفعها ، مما يجبرها على الارتفاع ، وكلما ارتفعت هذه الكتلة انخفضت درجات الحرارة المحيطة ، مما يؤدي
__________________
(١) المعارف الكونية ، إعداد نخبة من العلماء ، ص ٢٩٩.