المبحث الثاني
انشقاق القمر
قال تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (١).
وقال سبحانه : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩)) (٢).
انشقاق القمر معجزة من أعظم المعجزات الحسية التي خلّدها القرآن الكريم وثبتت في الصحاح وهي مكرمة إلهية لرسوله صلىاللهعليهوسلم ، ولم ينشقّ القمر لأحد من قبله من أنبياء الله ومرسليه ، وقد رآها الناس رأي العين ، وشاهدوا انفلاق القمر إلى فلقتين في كبد السماء ، وسألوا أهل البوادي والقوافل الرّحالة عن ذلك فما أنكر منهم أحد ، إلا من ركب رأسه ، وآثر الجحود السافر على دلائل الحق وبراهين الهدى.
روى الطبري بسنده في تفسيره ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : (نزلنا المدائن فكنّا منها على فرسخ ، فجاءت الجمعة ، فحضر أبيّ ، وحضرت معه ، فخطبنا حذيفة فقال ألا إن الله يقول : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشق ، ألا وإن الدنيا قد أذنت بفراق وإن اليوم مضمار وغدا السباق ...) (٣).
وفي تفسير الإمام القرطبي : (... وقال قوم : لم يقع انشقاق القمر بعد وهو منتظر ، أي اقترب قيام الساعة وانشقاق القمر ، وأن الساعة إذا قامت انشقت السماء بما فيها من القمر وغيره ، وكذا قال القشيري ، وذكر الماورديّ : أن هذا قول الجمهور ، وقال : لأنه إذا انشق ما بقي أحد إلا رآه ، لأنه آية والناس في الآيات سواء) (٤).
__________________
(١) سورة القمر ، الآية : ١.
(٢) سورة الانشقاق ، الآيتان ١٨ ، ١٩.
(٣) جامع البيان ، للطبري ، ١٢ / ٥١ ، وانظر : معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفراء ، بيروت ، عالم الكتب ، الطبعة الثالثة ، ١٤٠٣ ه ، ٣ / ١٠٤.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ١٧ / ٨٢.