مسقوفا على جذوع من نخل ، فكان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها ، فلما صنع له المنبر وكان عليه ، فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار ، حتى جاء النبي صلىاللهعليهوسلم فوضع يده عليها فسكنت) (١).
ورواية أخرى لجابر بن عبد الله (أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار ، أو رجل : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألا نجعل لك منبرا؟ قال : «إن شئتم» فجعلوا له منبرا فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر ، فصاحت النخلة صياح الصبي ، ثم نزل النبي صلىاللهعليهوسلم فضمه إليه يئن أنين الصبي ، الذي يسكن ، قال : «كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها» (٢).
قال صاحب «فتح الباري» معقبا : (... وفي الحديث دلالة على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكا كالحيوان بل كأشرف الحيوان ، وفيه تأييد لقول من يحمل (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) على ظاهره ، وقد نقل ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي ، عن أبيه عن عمرو بن سواد عن الشافعي قال : ما أعطى الله نبيا ما أعطى محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فقلت : أعطى عيسى إحياء الموتى ، قال : أعطى محمدا حنين الجذع حتى سمع صوته ، فهل أكبر من ذلك) (٣).
٤ ـ انشقاق القمر :
معجزة انشقاق القمر من أعظم معجزاته الحسية صلىاللهعليهوسلم التي خلّدها القرآن الكريم وثبتت في الصحاح ، وهي مكرمة إلهية لرسوله صلىاللهعليهوسلم ، ولم ينشقّ القمر لأحد من قبله من أنبياء الله ومرسليه ، وقد رآها الناس رأي العين ، وشاهدوا انفلاق القمر إلى فلقتين في كبد السماء ، وسألوا أهل البوادي والقوافل الرّحالة عن ذلك فما أنكر منهم أحد ، إلا من ركب رأسه ، وآثر الجحود السافر على دلائل الحق وبراهين الهدى.
__________________
(١) رواه البخاري ، في المناقب ، باب علامات النبوة ، رقم (٣٣٩١) ، ٣ / ١٣١٤ ، ورواه أحمد ، رقم (١٤١٥١) ، ٣ / ٢٩٣ ، وسنن الدارمي ، عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، تحقيق ، خالد العلي ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٧ ه رقم (١٥٦٢) ١ / ٤٤٢.
(٢) رواه البخاري ، في المناقب ، باب علامات النبوة ، رقم (٣٣٩٢) ، ٣ / ١٣١٤ ، والبيهقي في سننه ، رقم (٥٤٨٧) ، ٣ / ١٩٥.
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري ، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، القاهرة ، دار الريان ، تعليق ، محمد فؤاد عبد الباقي ، الطبعة الثانية ، ١٩٨٨ م ، ٨ / ٥٠٤.