ولكن بعد هزيمة العرب وعجزهم عن تحدي القرآن الكريم ، ما هو القدر المعجز من القرآن الكريم؟
أورد القاضي الباقلاني في كتابه «إعجاز القرآن» خلاف العلماء في ذلك فقال : (قدر المعجز عند الأشعريين :
الذي ذهب إليه عامة أصحابنا ، وهو قول أبي الحسن الأشعري في كتبه ، أن أقل ما يعجز عنه من القرآن السورة ، قصيرة كانت أم طويلة ، أو ما كان بقدرها ، قال : فإذا كانت الآية بقدر حروف السورة ، وإن كانت سورة الكوثر ، فذلك معجز.
قال : ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر.
القدر المعجز عند المعتزلة :
وذهب المعتزلة إلى أن كل سورة برأسها فهي معجزة ... وقد حكي عنهم نحو قولنا ، إلا أن منهم من لم يشترط كون الآية بقدر السورة ، بل شرط الآيات الكثيرة وقد علمنا أنه تحداهم تحديا إلى السور كلها ولم يخص ، ولم يأتوا لشيء منها بمثل ، فعلم أن جميع ذلك معجز) (١).
ويرى الشيخ الزرقاني (٢) أن (القدر المعجز من القرآن هو ما يقدر بأقصر سورة منه ، وأن القائلين بأن المعجز هو كل القرآن لا بعضه ، وهم المعتزلة ، والقائلين بأن المعجز كل ما يصدق عليه أنه قرآن ولو كان أقل من سورة ، كل أولئك بمنأى عن الصواب) (٣).
ويؤكد هذا الدكتور مصطفى مسلم فيقول : (وبما أن السورة جاءت بلفظ نكرة بسورة ، فهي تشمل كل سورة في القرآن طويلة أو قصيرة ، فيكون القدر المعجز من القرآن هو السورة من القرآن الكريم طويلة أو قصيرة ، هذا هو رأي جمهور العلماء ، إلا أن بعضهم زاد على ذلك : أن مقدار السورة القصيرة ، هي ثلاث آيات معجز أيضا) (٤).
__________________
(١) إعجاز القرآن ، محمد بن الطيب الباقلاني ، بيروت ، دار إحياء العلوم ، تعليق ، محمد سكر ، الطبعة الثالثة ، ١٤١٥ ه / ١٩٩٤ ، ص : ٣٢٤.
(٢) (... ـ ١٣٦٧ ه ... ـ ١٩٤٨ ، محمد عبد العظيم الزرقاني ، من علماء الأزهر بمصر ، تخرج بكلية أصول الدين ، وعمل بها مدرسا لعلوم القرآن والحديث ، وتوفي بالقاهرة ، من كتبه :
مناهل العرفان في علوم القرآن). انظر : الأعلام ، للزركلي ، ٦ / ٢١٥ ، بتصرف.
(٣) مناهل العرفان في علوم القرآن ، محمد عبد العظيم الزرقاني ، بيروت ، دار الفكر ، تحقيق ، مكتب البحوث والدراسات ، الطبعة الأولى ١٩٩٦ ، ٢ / ٢٣٠.
(٤) مباحث في إعجاز القرآن ، مصطفى مسلم ، ص : ٣٥.