المبحث الرابع
الغلاف الجوي ومنافذه للأرض
قال تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) (١).
وقال سبحانه وتعالى : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)) (٢).
في الآية الأولى وصف الحق تبارك وتعالى السماء بأنها بمثابة السقف للأرض ، وتتجلّى قمة البلاغة القرآنية ، والإعجاز العلمي عند ما زاد هذا الوصف للسقف بأنه محفوظ ، وهذا هو شأن الغلاف الجوي للأرض (atmosphere) فلقد جعله الله سقفا محيطا وحاميا للأرض من كل أسباب الهلاك والخراب كما سيأتي ، وفي الآية الثانية إعجاز علمي رائع ، حيث أوضح ربنا أن للسماء أبوابا ومنافذ يمكن أن ينفذ من خلالها البشر ، والطريق إليها ليس مستقيما إنما فيه انحناءات وتعرجات للخروج من إطار الأرض وجاذبيتها ، وهناك تختل موازين الرؤيا البصرية ... ولنبدأ مع المفسرين لنرى فهمهم لهاتين الآيتين.
ففي «أنوار التنزيل» : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) عن الوقوع بقدرته أو الفساد والإخلال إلى الوقت المعلوم بمشيئته ، أو استراق السمع بالشهب ، (وَهُمْ عَنْ آياتِها) عن أحوالها الدالة على وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته وتناهي حكمته ، التي يحس ببعضها ويبحث عن بعضها في علمي الطبيعة والهيئة (مُعْرِضُونَ) غير متفكرين) (٣).
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٣٢.
(٢) سورة الحجر ، الآيتان ١٤ ـ ١٥.
(٣) أنوار التنزيل ، للبيضاوي ، ٤ / ٩٠ ، وانظر : فتح البيان في مقاصد القرآن ، صديق بن حسن القنوجي ، صيدا ، المكتبة العصرية ١٩٩٢ ، ٨ / ٣٢٣.