المبحث الرابع
نهاية الكون بين القرآن والعلم
إن الإيمان المقدس الذي شرفنا الله سبحانه وتعالى به ، له متعلقات هامة ينبغي أن تكون ماثلة دائما في الأذهان والنفوس ، ومستلزمات لا ينبغي أن تنفك عنه قيد أنملة ، وأول ثمرة من مقتضيات الإيمان بالله سبحانه وتعالى ، أن يشرق في نفس العبد إماض التوحيد الناصع ، ويستقر في سويداء قلبه أن الذي أبلج الكون من العدم ، وفلقه من ظلام اللاشيء هو الله الخالق العظيم.
وهذه الحقيقة الشامخة هي المقوم الأول من مقومات الدين ، والدعامة الأولى التي ينهض على أساسها صرح الإسلام الشاهق السامي.
فإذا ما تكاملت التصورات السديدة حول هذه الحقيقة ، وتساوقت المعاني المتلازمة في سبيل ترسيخ هذا التصور في أعماق النفس والفؤاد ، آنذاك نقف على مفرق الطريق ، بين من حفلت نفوسهم بهذه الحقيقة فآمنوا بهذا وانصاعوا بشوق وحب لمتعلقاتها ، وبين من تنكّب طريق هذه الحقيقة فارتكس على وجهه قد خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
النزعات البشرية التي يصدرها الهوى كثيرة ، إلا أن أخطرها تلك النزعات المسعورة التي تبناها جمهرة من الذين لا يقرّون بوحدانية الخالق لهذا الكون ، فراحوا يروجون بين الناس أن الكون أزلي سرمدي ، لا أول لأوّله ، وسخروا لبث هذه الأفكار المسمومة أمة هائلة من البشر ، وإمكانات ضخمة من القوة والمال ، فأوغلوا في الجحود وإنكار الذات العليا ، واكتسى هذا الإلحاد أثوابا متعددة فتارة يعلنون كفرهم بالله وإنكارهم أن للكون خالقا باسم الشيوعية ، وتارة باسم العلم والتمدن وهذه المسميات نتسامع عنها بين الفينة والأخرى ، وتظهر بصور وأشكال متعددة ، إلا أن جوهرها وحقيقتها واحدة ألا وهي إنكار وحدانية الله وتصرفه في الكون.
هذه المزاعم العتيقة لم يبق من يعيرها اهتماما ، بعد ما أثبتت البحوث العلمية أن