ولنأخذ مفردتين من الآية ونرى معناهما اللغوي ، برق ، ورعد.
أما البرق ، فهو : (البرق ، واحد بروق السحاب ، والبرق الذي يلمع في الغيم ، وجمعه بروق وبرقت السماء تبرق برقا ، وأبرقت جاءت ببرق ، والبرقة ، المقدار من البرق وقرئ : يكاد سنا برقه فهذا لا محالة جمع برقة ، ومرت بنا الليلة سحابة براقة وبارقة ، أي سحابة ذات برق) (١).
وأما الرعد ، فمعناه : (الصوت الذي يسمع من السحاب ، وأرعد القوم وأبرقوا ، أصابهم رعد وبرق ، ورعدت السماء ترعد وترعد رعدا ورعودا وأرعدت ، صوتت للإمطار) (٢).
ومن الممكن أن نستخلص بعض المعطيات من الآية القرآنية ، ثم سنرى أن ما حددته الآية من حقائق علمية ، جاء العلم ليثبته ويكتشفه في عصرنا.
أولا : تحدد الآية الكريمة وجود البرد في السحب الركامية على وجه الخصوص.
ثانيا : أثبتت الآية أن للبرد برقا ، وأن البرد هو الذي يسبب حصول البرق ، وذلك في قوله سبحان وتعالى : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) ، فالضمير في (بَرْقِهِ) يعود إلى أقرب مذكور ، ألا وهو البرد ، والعجب أن جلّ المفسرين رضى الله عنهم ، أرجعوا الضمير إلى السحاب ، وليس إلى أقرب مذكور «البرد».
ثالثا : أشارت الآية الكريمة إلى أن لمعان البرق يؤدي إلى العمى ، (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) وهذا ما أكّده العلماء على ما سنرى.
الحقائق العلمية :
تحدّث العلماء وبإسهاب شديد عن البرد والبرق ، وأوضحوا أن السحب الركامية هي وحدها التي يكون فيها البرد ، والذي بسببه يحصل البرق ، ففي «موسوعة المعارف الكونية» : (لقد ثبت علميا أن جميع السحب مشحونة كهربائيا ، وتبلغ الشحنات أقصاها في السحب الركامية العاصفية ... وتبعد الواحدة عن الأخرى من ١ إلى ١٠ كم ، والصاعقة مؤلفة من بروق متعددة ، تم تصويرها بآن واحد تشكل معظمها بين السحب وسطح الأرض ، ولكن يوجد منها ما يتشكل بين السحب نفسها وتسمى هذه بالبروق
__________________
(١) لسان العرب ، لابن منظور ، ١٠ / ١٤.
(٢) المصدر نفسه ، ٣ / ١٧٩ ، وانظر : كتاب العين ، للفراهيدي ، ٢ / ٣٣.