القرآن الكريم باستنباط الإعجاز العلمي المستور وراء كل آية علمية أو كونية في القرآن الكريم ، وكما هو معلوم أن الآيات الكونية تفوق آيات الأحكام بكثير.
إن كلمة الحج على سبيل المثال ، ورد ذكرها في القرآن تسع مرات ، فكان نتيجة ذلك أن سطّر حولها مئات المجلدات والموسوعات الفقهية ، فكيف إذا درسنا البحر والأرض والشمس والنجوم والإنسان والنبات ... والتي ذكرها القرآن الكريم عشرات المرات فما ذا تكون النتيجة؟ إن كثيرا من أبنائنا الذين برعوا في العلوم الكونية ، تراهم منبهرين بما عند غيرنا من حضارة ، ومتى يعود أمثال هؤلاء إلى رشدهم ، ويعكفوا على كتاب ربهم ليخدموه بما قد نالوا من معارف كونية فيسخر الفيزيائي قوانينه لدراسة الآيات الفيزيائية في القرآن ، ويدرس الفلكي مواقع وأنواع النجوم والكواكب بما يستلهمه من إشارات القرآن ومعطياته ، ويقف الطبيب بعلمه على الوصف القرآني لخلق الإنسان ويشاهد عالم الزراعة والنبات العرض القرآني لعالم النبات في صفحاته ...
وقد بدت ولله الحمد بوادر هذا الاتجاه في عصرنا الحديث ، فرأينا بعض المجامع العلمية تتجه إلى خدمة هذا الأمر ، حيث وجدنا في مصر والسعودية وغيرهما من البلاد ، من يبذل جهودا مشكورة لإظهار الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة ، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب في هذا المجال الرائع الأخّاذ.
ولقد احتوت هذه الرسالة عشرة فصول ، الثلاثة الأولى منها كانت دراسة تاريخية للإعجاز في القرآن الكريم ، والسبعة الأخرى للتطبيقات المعاصرة ، أما الفصل الأول فقد تحدثت فيه عن مفهوم المعجزة وحدّها كما وضعه العلماء ، وعن الفارق بين معجزات الأنبياء ومعجزات نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، كما تحدثت عن تحدي القرآن الكريم للعرب أن يأتوا مثله ، ومراحل هذا التحدي ، وإيضاح عجزهم عن ذلك واعترافهم هم والعالم بعظمة القرآن العظيم ، وفي الفصل الثاني تعرضت للحديث عن منشأ إعجاز القرآن ، وكيف أن القول بالصرفة كان الباعث الأول لظهور هذا المصطلح ، وسقت ردود العلماء لمن قال بالصرفة ، ثم استعرضت وجوه القرآن الكريم مبينا اختلاف العلماء في تعدد هذه الوجوه ، وفي الفصل الثالث ركزت على الإعجاز العلمي في القرآن ، وعرضت أبرز من تناوله من العلماء القدامى والمعاصرين ، وبينت أنهم سلكوا في قضية الإعجاز العلمي ثلاثة مسالك ، مسلك يدعو للعمل على إظهار الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، إلا أنه وقع في مطبات كثيرة وشطط غير محمود ، عند ما أخضع الآيات القرآنية للنظريات المعاصرة مما صح منها ومما لم يثبت ، وبذلك يكون