وسهولة وقيل : سوق الثقيل برفق وغلب على ما ذكر بعض الأجلة في سوق شيء يسير أو غير معتد به ، ومنه البضاعة المزجاة أي المسوقة شيئا بعد شيء على قلة وضعف ، وقيل : أي التي تزجى أي تدفع للرغبة عنها ، (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) بأن يوصل سحابة بسحابة ، وقال غير واحد : السحاب واحد كالعماء والمراد يؤلف بين أجزائه وقطعه ، وهذا لأن (بَينَه) لا تضاف لغير متعدد ، وبهذا التأويل يحصل التعدد ... (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) أي متراكما بعضه فوق بعض (فَتَرَى الْوَدْقَ) أي المطر شديدا كان أو ضعيفا إثر تراكمه وتكاثفه ، (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) أي من فتوقه ومخارجه التي حدثت بالتراكم والانعصار ، وهو جمع خلل كجبال وجبل ... (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ) أي من السحاب ، فإن كل ما علاك سماء ، وكأن العدول عنه إلى السماء للإيماء إلى أن للسمو مدخلا فيما ينزل ، بناء على المشهور في سبب تكون البرد ، وجوز أن يراد بها جهة العلو وللإيماء المذكور ذكرت مع التنزيل (مِنْ جِبالٍ) أي من قطع عظام تشبه الجبال في العظم على التشبيه البليغ ... لأن الله تعالى خلق في السماء جبالا من برد كما خلق في الأرض جبالا من حجر ، وليس في العقل ما ينفيه من قاطع فيجوز إبقاء الآية على ظاهرها كما قيل ... (فَيُصِيبُ بِهِ) أي بما ينزل من البرد (مَنْ يَشاءُ) أي يصيبه فيناله ما يناله من ضرر في ماله ونفسه (وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ) أن يصرفه عنه فينجو من غائلته ، ورجوع الضميرين إلى البرد هو الظاهر ... (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ) أي ضوء برق السحاب الموصوف بما مر من الإزجاء والتأليف وغيرهما ، وإضافة البرق إليه قبل الإخبار بوجوده فيه ، للإيذان بظهور أمره واستغنائه على التصريح به ورجوع الضمير إلى البرد أي برق البرد الذي يكون معه ليس بشيء ، وتقدم الكلام في حقيقة البرق فتذكر ، (سَنا) ممدودا (سَنا بَرْقِهِ) بضم الباء وفتح الراء جمع برقة بضم الباء وهي المقدار من البرق كالغرفة واللقمة ... وهو هنا كناية عن قوة الضوء ، (يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) أي يخطفها من فرط الإضاءة وسرعة ورودها ، وفي إطلاق الأبصار مزيد تهويل لأمره وبيان لشدة تأثيره فيها ، كأنه يكاد يذهب بها ولو عند الإغماض ، وهذا من أقوى الدلائل على كمال القدرة ، لأنه توليد للضد من الضد) (١).
وهناك بعض المفردات الواردة في الآية الكريمة ، ستأخذ معانيها من المعاجم ، مثل : يزجي ، ويؤلف وسنا ، وركام ، أما معنى يزجي ، ففي «لسان العرب» : (التزجية ،
__________________
(١) روح المعاني ، للآلوسي ، ١٨ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.