دفع الشيء كما تزجي البقرة ولدها أي تسوقه ، ويقال : أزجيت الشيء إزجاء ، أي دافعت بقليله ، ويقال : أزجيت أيامي زجيتها أي دافعتها بقوت قليل ... والريح تزجي السحاب أي تسوقه سوقا رفيقا) (١).
وأما معنى يؤلف ، ففي «مفردات ألفاظ القرآن» : (الإلف ، اجتماع مع التئام ، والمؤلّف ، ما جمع من أجزاء مختلفة) (٢).
ومعنى الركام : (ركم الركم ، جمعك شيئا فوق شيء حتى تجعله ركاما مركوما ، كركام الرمل والسحاب ونحو ذلك ، من الشيء المرتكم بعضه على بعض ، ركم الشيء يركمه إذا جمعه وألقى بعضه على بعض ، وهو مركوم بعضه على بعض ... وفي التنزيل العزيز (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) يعني السحاب) (٣).
وأما معنى سنا : (سنا ، سنت النار تسنو سناء ، علا ضوؤها ، السنا مقصور ضوء النار والبرق وقد أسنى البرق ، إذا دخل سناه عليك بيتك ، أو وقع على الأرض ، أو طار في السحاب) (٤).
هذا معنى الآية كما ورد في كتب المفسرين ، ومعاجم اللغويين ، وهذا هو الوصف العلمي للسحب وخصائصها ونتائجها ، ولقد أوضح القرآن الكريم هذه الحقائق في آية سورة النور هذه ، ولدى عرضنا للآية وتمعننا فيها بشكل دقيق ، سنلحظ هذه القراءة العلمية في الآية الكريمة ، وهي تتحدث عن تكوين السحب ، وعملية تراكمه ، ثم كيف يخرج المطر منه وينزل البرد على من يرسله من عباده ويصرفه عمن يشاء من عباده سبحانه وتعالى ، وإنه حقا لوصف قرآني عجيب ودقيق للسحب الركامية التي أشير إليها آنفا ، وبنظرة دقيقة في الآية الكريمة تتّحد معطياتها كما يلي :
أولا : تقرر الآية الكريمة أن أوّل مرحلة من مراحل تكوين السحاب الركامي ، إنما تكون بدفع الهواء للسحاب بشكل هادئ ، (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً) أي يسوق السحاب إلى حيث يشاء فالإزجاء هو السوق كما قرر ذلك علماء اللغة والتفسير.
__________________
(١) لسان العرب ، لابن منظور ، ١٢ / ٢٦٢.
(٢) مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني ، ص ٨١.
(٣) لسان العرب ، لابن منظور ، ١٢ / ٢٥١.
(٤) المصدر نفسه ، ١٤ / ٤٠٣ ، وانظر : كتاب العين ، للفراهيدي ، ٧ / ٣٠٢.