من صيرورة الصلاة ذات مصلحة توجب إيجابها ، بل هو تصرف في مقام البعث والمحركية ، لا في مقام العلية للايجاب ليكون عن قصور في الملاك والمصلحة ، وما ذلك إلاّ من قبيل ما لو علمنا بوجود المصلحة التامة في الفعل ولكن كان هناك مانع يمنع المولى من الايجاب ، بل هو هو بعينه ، لأن فعلية الأمر بالأهم تمنع المولى من طلب مزاحمه الذي هو المهم.
وليس في البين إلاّ أنه ما دامت المزاحمة فلا أمر ولا إيجاب للصلاة لكن انتفاء الأمر ليس لأجل عدم الملاك فيها بل لأجل المزاحمة ، فإذا قلنا بالصحة وعدم توقف العبادية على الأمر واكتفينا بالملاك كانت العبادة صحيحة ، وإن منعنا من ذلك تعلّقنا بالترتب الذي ندعي أنه يدفع المزاحمة الموجبة للتدافع ، ولعل من صحح المسألة بالملاك قد تعلق في ذهنه الترتب فأبرزه بقالب الملاك.
قوله : ثم إنه ربما يورد على ما ذكرناه من تصحيح العبادة بالملاك بأن الأمر بالصلاة مع الأمر بالازالة مثلا بعد امتناع اجتماعهما متعارضان ، فلا بدّ من الرجوع إلى المرجحات ... إلخ (١).
توضيح الاشكال : هو أن يقال : كما أن بين مثل أكرم العلماء أو أكرم عالما ولا تكرم الفساق ، تعارض العموم من وجه ، فكذلك بين مثل أزل النجاسة وصلّ أيضا هذا التعارض ، غايته أن العموم في الأوّل أفرادي وفي الثاني أحوالي ، حيث إن الثاني من المثال الثاني يدل على وجوب الصلاة بقول مطلق ، سواء وجبت عليك إزالة النجاسة أو لم تجب ، كما أن الأوّل منه يدل على وجوب الازالة وجبت عليه الصلاة أو لم تجب ، ففي مورد
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٢.