موردا للارادة الفاعلية ، وإن لوحظ بما أنه مصدر بأن لوحظ فيه جهة الاصدار كان عنوانا ثانويا متحدا مع العنوان الأولي ، حتى في مثل الكون في المحل المغصوب بالنسبة إلى الحركة الأخيرة التي يعقبها الكون ، وحتى في مثل جريان الماء في الأرض المغصوبة بعد إجرائه على اليد ثم على الأرض المملوكة ثم منها إلى الأرض المغصوبة.
ثم لو سلّمنا ما أفاده قدسسره من المباينة فلا دليل على حرمة المقدمة وإنما الحرام هو ذو المقدمة لفرض كونه مقدورا بالواسطة ، أما حرمة نفس الواسطة فلا دليل عليها ، وما أفاده قدسسره من سراية الحرمة منه إليها لم أتوفق لمعرفة الوجه فيه بعد فرض أن الحرمة تعلّقت به أوّلا.
وبالجملة : بناء على المباينة فاما أن نقول بتوجه الحرمة أوّلا إلى المقدمة لأنها هي المقدورة فلا يكون لذيها حكم أصلا ، وإما أن نقول بتوجه الحرمة إلى ذي المقدمة لكونه مقدورا بالواسطة ، فذلك لا يوجب سراية تلك الحرمة النفسية إلى الواسطة ، وأما حرمتها الغيرية فلا دليل عليها إلاّ بدعوى كون ترك ذيها واجبا ، وتوقف ذلك الواجب على ترك تلك المقدمة.
وأما الكلام في القسم الأول وهو ما يتوسط فيه اختيار المكلف لكنه عند فعل المقدمة يعلم أنه لا ينزجر عن فعل ذيها أو أنه قابل لأن ينزجر فعلى الظاهر أنه لا يوجب الحرمة الشرعية النفسية لنفس المقدمة على وجه يترتب عليه العقابان لو فعل ذا المقدمة ، أما الحرمة الغيرية فقد عرفت الحال فيها. نعم في الصورة الأولى منهما يلزمه بحكم العقل ترك المقدمة بخلاف الثانية ، وليس فيها إلاّ العزم على المعصية ، فلاحظ وتأمل.