لكونه مقدمة لها ، فيكون هو متوقفا على نفسه ، وقد عرفت (١) أن هذا الاشكال إنما يتجه لو قلنا بالتقييد بالايصال ، أما لو قلنا بأن المقدمة هي الذات التي توجد توأما مع ذيها فلا ورود له كما عرفت فيما تقدم ، ومع قطع النظر عن ذلك نقول :
أما الجهة الأولى من الاشكال فالظاهر أنه لا مانع من كون الوجوب الغيري المتعلق بالفعل ناشئا عن الوجوب النفسي المتعلق بنفس ذلك الفعل سوى الجهة الثانية من الاشكال ، وهي استحالة كون الشيء مقدمة لنفسه لكونه موجبا للدور. ولكن يمكن الجواب عن الدور بأن الكون في مسجد الكوفة مثلا وإن توقف على نفس قطع المسافة ، إلاّ أن نفس قطع المسافة لا يكون متوقفا على الكون المذكور ، بل إن الذي يتوقف على الكون في مسجد الكوفة إنما [ هو ](٢) صحة تلك المقدمة أعني قطع المسافة ، بمعنى أن وقوع قطع المسافة على صفة الوجوب الغيري ومسقطا لأمره الغيري يكون متوقفا على تحقق الكون في مسجد الكوفة ، فيكون الدور المذكور مندفعا.
ولعل اندفاع الدور فيما نحن فيه أوضح منه في الأجزاء الارتباطية حيث إن تكبيرة الاحرام مثلا تكون صحتها متوقفة على صحة الركوع وصحة الركوع متوقفة على صحة تكبيرة الاحرام ، لأن كل واحد من تلك الأجزاء يكون شرطا في صحة الجزء الآخر ، فتكون النتيجة أن صحة تكبيرة الاحرام متوقفة على صحة نفسها.
ولا بدّ من الجواب حينئذ بأن صحة تكبيرة الاحرام من ناحية الركوع
__________________
(١) سيأتي في صفحة : ٥٩.
(٢) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة به ].