فكيف يتخلّف المعلول عن العلة. فكما أنّ الوجوب في صورة التقدم يستلزم تقدم المعلول على العلة ، فكذا عدم الوجوب في صورة التأخر مع كونه مقدمة للوجود أيضا يستلزم تخلف المعلول عن العلة ، وكلاهما في الاستحالة بمكان ... الخ.
ثم إنّه نقل عن السيد الصدر أنّه قال في شرحه (١) : إنّ هذا الإشكال لا حاسم له إلاّ بانكار وجوب المقدمة أو بتجويز اجتماع الأمر والنهي ، وقال : وهو في غاية السداد والجودة (٢). انتهى كلامه رفع مقامه.
ولا يخفى أنّ الظاهر من مجموع هذا الذي نقلناه عنهما أنّ بناءهما قدسسرهما على أنّ ترك الأهم المأخوذ شرطا في ناحية الأمر بالمهم إنّما هو من قبيل الشرط المتأخر ، وصاحب الحاشية قدسسره لم يفرّق في شرط الوجوب بين كونه متقدما أو متأخرا في عدم معقولية كونه واجبا غيريا. وصاحب البدائع قدسسره فرّق بينهما بدعوى أنّ المانع من الوجوب الغيري لما هو شرط الوجوب هو لزوم تقدم المعلول على العلة ، وأنّ هذا المانع منحصر بما لو كان الشرط متقدما ، أمّا المتأخر فبعد أن فرضنا صحته وفرضنا تحقق الوجوب قبله فلا يتأتى فيه المانع المذكور ، لأنّ المفروض أنّ الوجوب قد تحقق قبل وجود الشرط ، فأيّ مانع حينئذ يمنع من اقتضائه وجوب ذلك الشرط المفروض كونه مقدمة وجود أيضا ، بل لا محيص حينئذ عن الالتزام بوجوبه ، وإلاّ لكان اللازم وجود العلة وهو وجوب ذي المقدمة مع عدم تحقق المعلول وهو وجوب المقدمة.
وهذا الكلام منه قدسسره وإن كان قابلا للمناقشة من جهات ، منها أنّ
__________________
(١) مخطوط لم يطبع بعد.
(٢) بدائع الأفكار للمحقّق الرشتي رحمهالله : ٣٩١.