نحو الترتب هو الثاني دون الأوّل (١). إلاّ أنّ الظاهر منه هو الاستناد في عدم محالية اجتماع الطلبين في الزمان إلى مجرد الاختلاف في الرتبة ، وقد عرفت فيما تقدّم (٢) أنّ مجرد الاختلاف في الرتبة لا ينفع في ذلك ، وإلاّ لصحّ أن يقال « إن أمرتك بازالة النجاسة فصلّ » مع فرض عدم إمكان الجمع بينهما.
والجواب الذي يحصل به انحلال هذه الشبهة برمتها : هو التعرض لحال المهم في حال انشغال المكلّف به وورود الأمر بالأهم في ذلك الحال بمقتضى إطلاقه ، بأن يقال : إنّ المحالية إنّما هي في طلب الأهم في حال فعل المهم الملزم به ، على وجه يكون باقيا على كونه ملزما به في حال الإتيان بالأهم ، والمفروض أنّ الإتيان بالأهم يخرج المهم عن كونه ملزما به ، فلا يكون اجتماعهما من قبيل الجمع بين فعلين ملزم بهما ، بل يكون ورود الفعل الأهم على فعل المهم مزيلا للالزام به.
وتوضيح ذلك هو ما أفاده شيخنا قدسسره في الجواب الحلّي عن هذه الشبهة حسبما حررته عنه قدسسره ، فانّه قال بعد النقض بفعل المباح ما هذا لفظه : وثانيا بالحل ، وهو أنّ إطلاق الوجوب بالنسبة إلى فعل آخر عبارة عن انحفاط الوجوب عند ذلك الفعل ، بمعنى أنّ الوجوب يكون متحققا عند الفعل المذكور ، لا أنّ ما تعلّق به الوجوب يكون موجودا ومنحفظا عند الفعل المذكور. وبالجملة : أنّ إطلاق الوجوب بالنسبة إلى فعل من الأفعال لا يقتضي أزيد من انحفاظ الوجوب عند ذلك الفعل ، فلا يكون مجرد الإطلاق المذكور موجبا للالزام بمتعلق ذلك الوجوب مقترنا بذلك الفعل
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٨٤ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].
(٢) في الصفحة : ٣٧٠ ، وراجع أيضا الصفحة : ٣٦٠ ـ ٣٦١.