يحكم فعلا على ذلك الفعل الذي ظرفه الغد بأنه راجح بمعنى أنه راجح في غد ، بحيث يكون المحمول فعلا على ذلك الفعل هو الرجحان في غد وإن كان الحمل الآن ، ولا ريب أن ذلك ليس من باب اتصاف ذلك الفعل بالرجحان الآن ، بل هو من باب توصيفه الآن بالرجحان الآتي ، فهو نظير الحكم بالمحبوبية على ولدك الذي يولد فيما بعد.
ومن الواضح أن الشرط في انعقاد النذر إنما هو عروض صفة الرجحان على متعلقه الذي لا يكون إلاّ في ظرفه ، دون مجرد الحكم فعلا على ذلك الفعل بالرجحان الموجود في ظرفه ، وحيث كان الشرط هو الرجحان الآتي فلا ريب في توقف الانعقاد ووجوب الوفاء عليه ، ويكون الانعقاد ووجوب الوفاء متحققا في ظرفه ، كما هو الشأن في جميع ما يكون شرطا للوجوب على نحو القضية الحقيقية ، ويكون تحقق الرجحان في ظرفه محققا للانعقاد ولوجوب الوفاء على نحو النقل الصرف دون الكشف ، ومن الواضح أن تحقق الانعقاد في ذلك الحال يكون مسبوقا بفعلية وجوب الحج الموجب لرفع رجحان الفعل.
لا يقال : إن وجوب الحج حيث كان مشروطا بالقدرة الشرعية على أفعاله التي من جملتها أعمال يوم عرفة ، يتأتى فيه ما ذكرتم في رجحان الفعل المنذور ، بأن يقال إن القدرة المعتبرة هي القدرة الحاصلة يوم عرفة ففي ذلك اليوم يقع التصادم بينهما.
لأنا نقول : يكفي في فعلية الحج الموجبة لسقوط رجحان متعلق النذر في يوم عرفة فعلية وجوب ما سبق من أعماله ، ولو باعتبار الخروج مع الرفقة وقطع المسافة ، فيكون وجوب الحج سابقا زمانا على وجوب الوفاء بالنذر. نعم لو لم يكن في البين إلاّ أعمال يوم عرفة التي هي متعلق