العقلية ، أما ما هو مشروط بالقدرة الشرعية فان المانع فيه هو ارتفاع ملاكه عند الأمر بالأهم ، ومن الواضح أن التعليق على عصيانه لا يوجب سقوط الأمر بالأهم كي يكون محققا للقدرة على المهم كي يكون محققا لملاكه.
والخلاصة : أن عصيان الأهم لا يولّد القدرة على المهم على وجه يجعله مقدورا في نظر الشارع وإن كان مقدورا في نظر العقل ، وإنما أقصى ما في ذلك أن التعليق عليه يوجب رفع قبح الخطاب بالمهم ، لأن ملاك صحة الخطاب به إنما هو راجع إلى العقل ، والمفروض أنه مقدور في نظر العقل ، وقبح المطاردة مندفع بالتعليق على العصيان ، وهذا إنما يؤثر في المشروط بالقدرة العقلية ، أما المشروط بالقدرة الشرعية فالخطاب به يتوقف على كونه مقدورا بنظر الشارع ، لأنه هو الحاكم بالتقييد بالقدرة فلا بدّ فيه من كون المكلف به مقدورا في نظره ، والعصيان لا يجعله مقدورا في نظره.
وسرّ الفرق بينهما راجع إلى ما سيأتي (١) إن شاء الله تعالى في المقدمة الاولى من مقدمات الترتب من أن المزاحم بمجرد توجهه يكون رافعا للقدرة على المشروط بالقدرة الشرعية ، بخلاف المشروط بالقدرة العقلية فانه إنما يرفع القدرة بامتثاله ، وأن عدم امتثال الأمر بالأهم لا يولّد القدرة الشرعية على امتثال المهم على وجه لو كان مشروطا شرعا بالقدرة لكان ذلك كافيا فيه ، لما عرفت من أنه مع بقاء الأمر بالأهم لا يكون في نظر الشارع قادرا ، وأن أقصى ما يولّده عدم امتثال الأمر بالأهم هو القدرة العقلية على امتثال المهم المصححة للخطاب به في حكم العقل ، فراجع ما حررناه
__________________
(١) في الصفحة : ٣٠٠ وما بعدها.