من تحت كرسيّ سليمان ، ـ [أقول : قال أبو جعفر عليهالسلام : «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، وإنما كان عند آصف منها حرف واحد ، فتكلّم به ، فخسف بالأرض ، ما بينه وبين سرير بلقيس ، حتى تناول السرير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت ، أسرع من طرفة العين ، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله تبارك وتعالى ، استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوّة إلا بالله» (١).
وقال سدير : كنت أنا ، وأبو بصير ، وميسّر ، ويحيى البزّاز ، وداود الرقيّ ، في مجلس أبي عبد الله عليهالسلام ، إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلمّا أخذ مجلسه ، قال : «عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله ، لقد هممت بضرب خادمتي فلانة ، فذهبت عنّي ، فما عرفتها في أيّ البيوت هي من الدار».
فلمّا أن قام من مجلسه ، وصار إلى منزله ، دخلت أنا ، وأبو بصير ، وميسّر على أبي عبد الله عليهالسلام ، فقلنا له : جعلنا فداك ، سمعناك تقول كذا وكذا في أمر خادمتك ، ونحن نعلم أنّك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب ، فقال : «يا سدير ، أما تقرأ القرآن؟» قلت : قد قرأناه ، جعلنا الله فداك.
فقال : «هل وجدت فيما قرأت من كتاب الله : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)؟ ، قلت : جعلت فداك ، قد قرأته. قال : «فهل عرفت الرجل ، وعرفت ما كان عنده من علم الكتاب؟». قال : قلت : فأخبرني حتى أعلم ، قال : «قدر قطرة من المطر الجود (٢) ، في البحر الأخضر ، ما يكون ذلك من علم الكتاب؟».
__________________
(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٧٩ ، ح ١.
(٢) المطر الجود : المطر الواسع الغزير.