المصلحة تقتضي إنزاله متفرقا كيف ينزل جملة واحدة؟! فقال الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنا أنزلناه متفرقا (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) وقال أبو عبيدة : معناه لنطيب به نفسك ونشجعك. وقوله (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) فالترتيل التبيين في تثبت وترسل. وقوله (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِ) أي لم ننزل القرآن جملة واحدة لأنهم لا يأتونك بشيء يريدون به إبطال أمرك (إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِ) الذي يبطله (وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) أي نجيؤك بأحسن تفسيرا مما يأتونك به وأجود معاني (١).
* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٣٤) [سورة الفرقان : ٣٤]؟!
الجواب / قال محمد بن إبراهيم النّعماني في (الغيبة) : قال كعب الأحبار :
إذا كان يوم القيامة حشر الناس على أربعة أصناف : صنف ركبان ، وصنف على أقدامهم يمشون ، وصنف مكبّون ، وصنف على وجوههم صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون ، ولا يتكلّمون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، أولئك الذين تلفح وجوههم النار ، وهم فيها كالحون.
فقيل : يا كعب ، من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم ، وهذه الحال حالهم؟ قال كعب : أولئك الذين كانوا على الضّلال والارتداد والنّكث ، فلبئس ما قدّمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم ووصيّ نبيّهم ، وعالمهم ، وسيّدهم ، وفاضلهم ، وحامل اللواء ، ووليّ الحوض ، والمرتجى ، والرجاء دون هذا العالم ، وهو العلم الذي لا يجهل ، والمحجّة التي من زال
__________________
(١) التبيان : ج ٧ ، ص ٤٨٨ ـ ٤٨٩.