* س ١٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٢٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٢٤) [سورة العنكبوت : ٢١ ـ ٢٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : ثم ذكر سبحانه الوعد والوعيد ، فقال : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) معناه أنه المالك للثواب والعقاب ، وإن كان لا يشاء إلّا الحكمة والعدل ، وما هو الأحسن من الأفعال فيعذب من يشاء ممن يستحق العقاب (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) ممن هو مستحق للرحمة ، بأن يغفر له بالتوبة وغير التوبة (وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) معاشر الخلق أي : إليه ترجعون يوم القيامة ، والقلب هو الرجوع والرد ، فمعناه : إنكم تردون إلى حال الحياة في الآخرة ، حيث لا يملك فيه النفع والضر إلّا الله.
وهذا يتعلق بما قبله ، كأن المنكرين للبعث قالوا : إذا كان العذاب غير كائن في الدنيا ، فلا نبالي به.
فقال : وإليه تقلبون. وكأنهم قالوا إذا صرفنا إلى حكم الله فررنا ، فقال : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) أي : ولستم بفائتين عن الله في الدنيا ، ولا في الآخرة ، فاحذروا مخالفته.
ومتى قيل : كيف وصفهم بذلك ، وليسوا من أهل السماء؟ فالجواب عنه من وجهين ، أحدهما : إن المعنى لستم بمعجزين فرأوا في الأرض ، ولا في السماء ، كقولك : ما يفوتني فلان هاهنا ولا بالبصرة ، يعني ولا بالبصرة لو