قلت : جعلت فداك ، ما أقلّ هذا؟ قال : «يا سدير ، ما أكثره إن لم ينسبه إلى العلم الذي أخبرك به! يا سدير ، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(١) كلّه؟». قال : وأومأ بيده إلى صدره ، فقال : «علم الكتاب كلّه ، والله عندنا ـ ثلاثا ـ» (٢).
ولعل سائل يسأل هل أن سليمان عليهالسلام كان محتاجا إلى علم غيره مثل آصف بن برخيا؟! يكون الجواب الرواية التالية :
قال الطبرسي : روى العياشيّ في (تفسيره) بالإسناد قال : التقى موسى ابن محمد بن علي بن موسى عليهمالسلام ، ويحيى بن أكثم ، فسأله عن مسائل ، قال : فدخلت على أخي علي بن محمد عليهماالسلام ، إذ دار بيني وبينه من المواعظ ، حتى انتهت إلى طاعته ، فقلت له : جعلت فداك ، إنّ ابن أكثم سألني عن مسائل أفتيه فيها؟ فضحك ، ثمّ قال : «هل أفتيته فيها؟» ، قلت : لا. قال : «ولم؟» ، قلت : لم أعرفها ، قال : «وما هي؟» ، قلت : قال : أخبرني عن سليمان ، أكان محتاجا إلى علم آصف بن برخيا؟ ثم ذكر المسائل الأخر.
قال : «اكتب ـ يا أخي ـ بسم الله الرحمن الرحيم ، ـ سألت عن قول الله تعالى في كتابه : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) فهو آصف بن برخيا ، ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف ، لكنّه (صلوات الله عليه) أحبّ أن يعرّف أمّته من الجنّ والإنس أنّه الحجّة من بعده ، وذلك من علم سليمان بن داود عليهالسلام ، أودعه آصف بأمر الله تعالى ، ففهّمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ، ودلالته ، كما فهّم سليمان في حياة داود لتعرف إمامته ونبوّته من بعده ، لتأكيد الحجّة على الخلق» (٣).
__________________
(١) الرعد : ٤٣.
(٢) بصائر الدرجات : ص ٢٣٣ ، ح ٣.
(٣) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٥١.