(وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) في الدين بالآيات الدالة على الهدى إذا أعرضوا عنها ، كما لا يمكنك أن تهدي الأعمى إلى قصد الطريق. جعل سبحانه الجهل بمنزلة العمى ، لأنه يمنع عن إدراك الحق ، كما يمنع العمى من إدراك المبصرات. (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) أي : ما يسمع إلا من يطلب الحق بالنظر في آياتنا (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) أي : مستسلمون منقادون. جعل سبحانه استماعهم ، وقبولهم الحق سماعا ، وتركهم للقبول تركا للسماع. وقيل : مسلمون ، أي : موحدون مخلصون (١).
* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨٤) [سورة النمل : ٨٢ ـ ٨٤]؟!
الجواب / قال أبو عبد الله عليهالسلام : «انتهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو نائم في المسجد ، وقد جمع رملا ووضع رأسه عليه ، فحرّكه برجله ، ثم قال له : يا دابّة الأرض ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، أيسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال : لا والله ، ما هو إلا له خاصّة ، وهو الدابّة التي ذكرها الله تعالى في كتابه (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ).
ثم قال : يا علي ، إذا كان آخر الزمان ، أخرجك الله في أحسن صورة ، ومعك ميسم ، تسم به أعداءك».
فقال رجل لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ الناس يقولون : هذه الدابّة إنّما
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٤٠٣.