* س ٢٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢) فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (٢١٣) [سورة الشعراء : ٢٠٨ ـ ٢١٣]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) أي : وما أهلكنا قرية. (إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) أي : إلا بعد إقامة الحجج عليهم بتقديم الإنذار ، وإرسال الرسل. (ذِكْرى) أي : تذكيرا وموعظة لهم ، ليتعظوا ويصلحوا. فإذا لم يصلحوا مع التخويف والتحذير ، واستحقوا عذاب الاستئصال بإصرارهم على الكفر والعناد ، أهلكناهم. (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) أي : وما ظلمناهم بالإهلاك ، لأنا لا نظلم أحدا.
نفى سبحانه عن نفسه الظلم ، وفي هذا تكذيب لمن زعم أن كل ظلم وكفر في الدنيا ، هو من خلقه وإرادته. وغاية الظلم أن يعاقب عباده على ما خلقه فيهم ، وأراده منهم ، تعالى الله عن ذلك ، وتقدس ، (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ) أي : بالقرآن (الشَّياطِينُ) كما يزعمه بعض المشركين (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) إنزال ذلك أي : الشياطين (وَما يَسْتَطِيعُونَ) ذلك ولا يقدرون عليه ، لأن الله تعالى يحرس المعجزة عن أن يموه بها المبطل ، فإنه إذا أراد أن يدل بها على صدق الصادق ، أخلصها بمثل هذه الحراسة ، حتى تصح الدلالة بها. ومعنى قول العرب : ينبغي لك أن تفعل كذا أنه يطلب منك فعله في مقتضى العقل من البغية التي هي الطلب.
(إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) أي : مصروفون عن استماع القرآن أي : عن المكان الذي يستمعون ذلك فيه ، ممنوعون عنه بالشهب الثاقبة. وقيل : معناه إن الشياطين عن سمع القرآن منحون ... فإن العزل تنحية الشيء عن