ولأنه لا يستحق العبادة غيرنا (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) أي : جحودا لما عددناه من النعم وإنكارا ، فيقولون : مطرنا نبوء كذا وكذا ... وقيل : فأبوا إلا كفورا بالبعث والنشور.
ـ وقال أبو جعفر عليهالسلام : «نزل جبرئيل على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه الآية هكذا ، فأبى أكثر الناس من أمّتك بولاية عليّ إلا كفورا» (١).
٣ ـ وقال : قوله : (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) ينذرهم ، ولكن بعثناك يا محمد إلى القرى كلها ، رسولا لعظيم منزلتك لدينا. والنذير : هو الداعي إلى ما يؤمن معه الخوف من العقاب. وقيل : إنه إخبار عن قدرته سبحانه ، والمعنى : لو شئنا لقسمنا بينهم النذر ، كما قسمنا الأمطار بينهم ، ولكن نفعل ما هو الأصلح لهم ، والأعود عليهم في دينهم ودنياهم ، فبعثناك إليهم كافة. (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) فيما يدعونك إليه من المداهنة والإجابة إلى ما يريدون. (وَجاهِدْهُمْ) في الله (بِهِ) أي : بالقرآن (جِهاداً كَبِيراً) أي : تاما شديدا.
وفي هذه الآية دلالة على أن من أجل الجهاد وأعظمه منزلة عند الله سبحانه ، جهاد المتكلمين في حل شبه المبطلين ، وأعداء الدين ، ويمكن أن يتأول عليه قوله : «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» (٢).
* س ٣٠ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) (٥٣) [سورة الفرقان : ٥٣]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ)
__________________
(١) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٣٧٥ ، ح ١١.
(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٠٣.