الجنة ، وهو مثل قوله (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ، وقوله : (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ) أي : لذلك اليوم ، وهو يوم القيامة. (مِنَ اللهِ) أي : لا يرده أحد من الله (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) أي : يتفرقون فيه فريق في الجنة ، وفريق في السعير. (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) أي : عقوبة كفره لا يعاقب أحد بذنبه. (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) أي : يوطئون لأنفسهم منازلهم. يقال : مهدت لنفسي خيرا أي : هيأته ووطأته. والمعنى : إن ثواب ذلك يصل إليهم ، ويتمهد أحوالهم الحسنة عند الله. وهذا توسع يقول : من أصلح عمله ، فكأنه فرش لنفسه في القبر والقيامة ، وسوى مضجعه ومثواه. وروى منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن العمل الصالح ليسبق صاحبه إلى الجنة ، فيمهد له كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه. (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ) أي : ليجزيهم على قدر استحقاقهم ، ويزيدهم من فضله. وقيل : معناه بسبب فضله ، لأنه خلقه وهداه ومكنه ، وأزاح علته حتى استحق الثواب. وقيل من فضله يعني : فضلا من فضله ، وثوابا لا ينقطع. (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) أي : لا يريد كرامتهم ومنفعتهم ، وإنما يريد عقابهم جزاء على كفرهم (١).
* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٦٦.