* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨) وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ (٥٩) وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٦٠) [سورة القصص : ٥٧ ـ ٦٠]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : ثم قال سبحانه حاكيا عن الكفار : (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) أي : نستلب من أرضنا ، يعني أرض مكة والحرم. وقيل : إنما قاله الحرث بن نوفل بن عبد مناف ، فإنه قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنا لنعلم أن قولك حق ، ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك ، ونؤمن بك ، مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا ، ولا طاقة لنا بالعرب ، فقال سبحانه رادا عليه هذا القول (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً) أي : أو لم نجعل لهم مكة في أمن وأمان قبل هذا ، ودفعنا ضرر الناس عنهم ، حتى كانوا يأمنون فيه؟ فكيف يخافون زواله الآن ، أفلا نقدر على دفع ضرر الناس عنهم ، لو آمنوا. بل حالة الإيمان والطاعة أولى بالأمن والسلامة من حالة الكفر. (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي : تجمع إليه ثمرات كل أرض وبلد (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) أي : إعطاء من عندنا ، جاريا عليهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ما أنعمنا به عليهم. وقيل : لا يعلمون الله ، ولا يعبدونه فيعلموا ما يفوتهم من الثواب.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) أي : من أهل قرية. (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) أي : في معيشتها بأن أعرضت عن الشكر. وتكبرت ، والمعنى : أعطيناهم المعيشة