(هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى عليهالسلام من قتله ، إنه يعني الشيطان (عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ).
قال المأمون : فما معنى قول موسى عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)؟
قال : «يقول : إنّي وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة ، فاغفر لي ، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني (فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، قال موسى عليهالسلام : (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ) من القوّة حتى قتلت رجلا بوكزة (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) بل أجاهد في سبيلك بهذه القوّة حتى ترضى. (فَأَصْبَحَ) موسى عليهالسلام (فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) ، قال له موسى : إنّك لغويّ مبين ، قاتلت رجلا بالأمس ، وتقاتل هذا اليوم؟ لأؤذينّك (١) ، وأراد أن يبطش به ، فلمّا أراد أن يبطش بالذي هو عدوّ لهما ، وهو من شيعته ، قال : يا موسى : (أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ).
قال المأمون : جزاك الله عن أنبيائه خيرا ، يا أبا الحسن (٢).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ