غطاء ساترا للأشياء بالظلال ، كاللباس الذي يشتمل على لابسه. فالله سبحانه ألبسنا الليل ، وغشانا به ، لنسكن ونستريح من كد الأعمال ، كما قال في موضع آخر (لِتَسْكُنُوا فِيهِ). (وَالنَّوْمَ سُباتاً) أي : راحة لأبدانكم ، وقطعا لأعمالكم. قال الزجاج : السبات أن ينقطع عن الحركة ، والروح في بدنه. (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) لانتشار الروح باليقظة فيه ، مأخوذ من نشور البعث. وقيل : لأن الناس ينتشرون فيه لطلب حوائجهم ومعايشهم ، فيكون النشور هنا بمعنى التفرق لابتغاء الرزق.
* س ٢٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (٤٨) [سورة الفرقان : ٤٨]؟!
الجواب / قال الصادق عليهالسلام : «إذا أردت الطهارة والوضوء ، فتقدّم إلى الماء تقدّمك إلى رحمة الله تعالى ، فإنّ الله تعالى قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ، ودليلا إلى بساط خدمته ، وكما أن رحمة الله تطهّر ذنوب العباد ، كذلك النّجاسات الظاهرة يطهّرها الماء لا غير ، قال الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) ، وقال الله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)(١) ، فكما أحيا به كلّ شيء من نعيم الدنيا ، كذلك برحمته وفضله جعل حياة القلب والطاعات والتفكّر في صفاء الماء ورقّته وطهره وبركته ولطيف امتزاجه بكل شيء ، واستعمله في تطهير الأعضاء التي أمرك الله بتطهيرها ، وتعبّدك بأدائها في فرائضه وسننه ، فإنّ تحت كلّ واحدة منها فوائد كثيرة ، فإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده
__________________
(١) الأنبياء : ٣٠.