* س ١٠ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢١) [سورة النور : ٢١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطّبرسيّ (رحمهالله تعالى) : ثم نهى سبحانه عن اتباع الشيطان ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي : آثاره وطرقه التي تؤدي إلى مرضاته. وقيل : وساوسه (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) هذا بيان سبب المنع من اتباعه (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بأن لطف لكم وأمركم بما تصيرون به أزكياء ، ونهاكم عما تصيرون بتركه أزكياء (ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) أي : ما صار منكم أحد زكيا ومن في (مِنْ أَحَدٍ) مزيدة. وقيل : معناه ما ظهر منكم أحد من وسوسة الشيطان ، وما صلح.
(وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) أي : يطهر بلطفه من يشاء ، وهو من له لطف يفعله سبحانه به ليزكو عنده (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يفعل المصالح والألطاف بالمكلفين ، لأنه يسمع أصواتهم وأقوالهم ، ويعلم أحوالهم وأفعالهم. وفي الآية دلالة على أن الله سبحانه يريد من خلقه خلاف ما يريده الشيطان ، لأنه إذا ذم سبحانه الأمر بالفحشاء والمنكر ، فخالق الفحشاء والمنكر ومريدهما أولى بالذم ، تعالى وتقدس عن ذلك. وفيها دلالة على أن أحدا لا يصلح إلّا بلطفه (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٣٤.