ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم ، فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال ، وشبّهوه لمشابهة منهم فيما جهلوا به ، فلذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(١) فليس له شبه ، ولا مثل ، ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره. وهي التي وصفها في الكتاب ، فقال : (فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ)(٢) جهلا ، بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم ، يشرك وهو لا يعلم ، ويكفر به وهو يظنّ أنّه يحسن ، فلذلك قال : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)(٣) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم ، فيضعونها غير مواضعها.
يا حنان ، إنّ الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الفضل ، وخصّهم بما لم يخصّ به غيرهم ، فأرسل محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان الدليل على الله ، بإذن الله عزوجل حتى مضى دليلا هاديا ، فقام من بعده وصيّه عليهالسلام دليلا هاديا على ما كان هو دلّ عليه من أمر ربّه ، من ظاهر علمه ، ثمّ الأئمة الراشدون عليهمالسلام» (٤).
نعود إلى رواية علي بن إبراهيم القمي : ثم قال سليمان : (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) إلى قوله : (ما ذا يَرْجِعُونَ) ، فقال الهدهد : إنها في حصن منيع ، في سبأ (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) أي سرير.
قال سليمان : «ألق الكتاب على قبتها» فجاء الهدهد ، فألقى الكتاب في حجرها ، فارتاعت من ذلك ، وجمعت جنودها ، وقالت لهم ، كما حكى الله : (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) أي مختوم ، (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) أي لا تتكبّروا علي ـ
__________________
(١) الإسراء : ٨٥.
(٢) الأعراف : ١٨٠.
(٣) يوسف : ١٠٦.
(٤) التوحيد : ص ٣٢١.