ثمّ قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)(١) فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل ، وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كلّ شيء» (٢).
وقال أبو جعفر عليهالسلام في قوله : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) : يقول لأنتفنّ ريشه (٣).
نعود إلى رواية علي بن إبراهيم ، قال : فلم يمكث إلّا قليلا إذ جاء الهدهد ، فقال له سليمان : «أين كنت؟» قال : (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) ، أي بخبر صحيح (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ، وهذا ممّا لفظه عام ، ومعناه خاصّ ، لأنّها لم تؤت أشياء كثيرة ، منها : الذكر ، واللّحية.
ثم قال : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ) إلى قوله تعالى : (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) ، ثمّ قال الهدهد : (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ) أي المطر ، وفي (الْأَرْضِ) النبات.
ـ [أقول في قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) : قال حنان بن سدير : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن العرش والكرسيّ ، فقال : «إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كلّ سبب وضع في القرآن صفة على حدة ، فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يقول : الملك العظيم ، وقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)(٤) يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفيّة في الأشياء.
ثمّ العرش في الوصل متفرد عن الكرسي ، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لأنّ الكرسيّ هو
__________________
(١) فاطر : ٣٢.
(٢) الكافي : ج ١ ، ص ١٧٦ ، ح ٧.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٢٩.
(٤) طه : ٥.