لا أظلم أحدا؟ قالت النملة : بلى. قال سليمان عليهالسلام : فلم حذّرتهم ظلمي ، فقلت : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ)؟ قالت النملة : خشيت أن ينظروا إلى زينتك ، فيفتنوا بها ، فيبعدوا عن ذكر الله تعالى.
ثم قالت : أنت أكبر ، أم أبوك داود عليهالسلام؟ قال سليمان : بل أبي داود. قالت النملة : فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود عليهالسلام؟.
فقال سليمان : ما لي بهذا علم. قالت النملة : لأن أباك داود داوى جرحه بودّ ، فسمّي داود ، وأنت ـ يا سليمان ـ أرجو أن تلحق بأبيك (١).
ثم قالت النملة : هل تدري لم سخّرت لك الريح ، من بين سائر المملكة؟ ، قال سليمان : ما لي بهذا علم. قالت النملة : يعني عزوجل بذلك : لو سخّرت لك جميع المملكة ، كما سخّرت لك هذه الريح ، لكان زوالها من يدك كزوال الريح. فحينئذ تبسّم ضاحكا من قولها» (٢).
وكان سليمان إذا قعد على كرسيّه ، جاءت جميع الطير التي سخّرها الله لسليمان ، فتظلّ الكرسيّ والبساط ـ بجميع من عليه ـ من الشمس ، فغاب عنه الهدهد من بين الطير ، فوقعت الشمس من موضعه في حجر سليمان عليهالسلام ،
__________________
(١) ذكر المجلسي (رحمهالله) وجوها أربعة في تفسير هذه العبارة ، ارتضى التالي منها : أن المعنى أن أباك لما ارتكب ترك الأولى ، وصار قلبه مجروحا بذلك ، فداواه بودّ الله تعالى ومحبته ، فلذا سمي داود اشتقاقا من الدواء بالودّ ، وأنت لمّا لم ترتكب بعد ، وأنت سليم منه سميت سليمان ، فخصوص العلّتين للتسميتين ، صارتا علّة لزيادة اسمك على اسم أبيك. ثم لمّا كان كلامها موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبيه ، استدركت ذلك بأنّ ما صدر عنه لم يصر سببا لنقصه ، بل صار سببا لكمال محبّته وتمام مودّته ، وأرجو أن تلحق أنت أيضا بأبيك في ذلك ليكمل محبتك ، البحار : ج ١٤ ، ص ٩٣.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ٢ ، ص ٧٨ ، ح ٨.