القرآن لم يخرق العادة بالفصاحة حتى صار معجزة للنبي صلىاللهعليهوسلم وأن كل فصيح بليغ قادر على الإتيان بمثله ، إلا أنهم صرفوا عن ذلك ، لا أن يكون القرآن في نفسه معجز الفصاحة ، وهو مذهب الجماعة من المتكلمين والرافضة منهم بشر المريسي ، والمرتضى أبو القاسم ...) (١).
ويقول السفاريني (٢) : (وكان المرتضى العلوي يقول بالصرفة ، يعني أن الله تعالى صرف العرب عن الإتيان بمثله ...) (٣).
وهكذا يتضح لنا الفرق الدقيق بين ما ذهب إليه النظّام في الصرفة ، وما ذهب إليه المرتضى فالنظّام يرى بأن الصرفة هي : عدم معارضتهم للقرآن مع قدرتهم عليها ، لكن الله صرفهم عنها ، أما عند المرتضى فالصرفة هي : عدم قدرتهم على الإتيان بمثل القرآن ، لأن الله سلبهم العلوم التي يحتاجون إليها لمحاكاة القرآن والإتيان بمثله ، بعد أن كانت متأصّلة فيهم.
٣ ـ ابن حزم الأندلسي الفقيه الظاهري (٤) :
ابن حزم ممن قال بالصرفة في كتابه «الفصل في الملل والأهواء والنحل» تحت
__________________
(١) معجم الأدباء ، ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي ، بيروت ، دار صادر ، د. ت ، ٣ / ١٣٩.
(٢) ١١١٤ ـ ١١٨٨ ه ، ١٧٠٢ ـ ١٧٧٤ ، محمد بن أحمد بن سالم السفاريني ، عالم بالحديث والأصول والأدب ، ولد في سفارين من قرى «نابلس» ورحل إلى دمشق وأخذ عن علمائها ، وعاد إلى نابلس فدرس وأفتى وتوفي فيها ، من كتبه : الدراري المصنوعات في اختصار الموضوعات ، وكشف اللثام شرح عمدة الأحكام ، ولوامع الأنوار البهية ، وغيرها. انظر : الأعلام ، للزركلي ، ٦ / ١٤ ، بتصرف.
(٣) لوامع الأنوار البهية ، للسفاريني ، ١ / ١٧٤.
(٤) ٣٨٤ ـ ٤٥٦ ه ، ٩٩٤ ـ ١٠٦٤ ، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري عالم الأندلس في عصره ، وأحد أئمة الإسلام ، كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه ، يقال لهم «الحزمية» ولد بقرطبة ، وكانت له ولأبيه من قبله رئاسة الوزارة ، وتدبير المملكة ، فزهد بها وانصرف إلى العلم والتأليف ، فكان من صدور الباحثين ، فقيها حافظا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة بعيدا عن المصانعة وانتقد كثيرا
من العلماء والفقهاء فتمالئوا على بغضه ، وأجمعوا على تضليله ، وحذروا سلاطينهم من فتنته ، ونهوا عوامهم عن الدنوّ منه فأقصته الملوك وطاردته ، فرحل إلى بادية لبلة من بلاد الأندلس ، فتوفي فيها ... أشهر مصنفاته : الفصل في الملل والأهواء والنحل ، والمحلى وجمهرة الأنساب ، والناسخ والمنسوخ ، وحجة الوداع ، وديوان شعر. انظر : الأعلام ، للزركلي ، ٤ / ٢٥٤ ، بتصرف.