هذا عن التقاء البحرين ، لكن ما معنى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً).
هذه الآية تتحدث عن التقاء نهر وبحر (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) وهما مختلطان لكن في نفس الوقت يوجد بينهما فاصل ، برزخ.
إن هذا المفهوم القرآني ، فسّره العلم الحديث وأكد حقائقه الثابتة ...
فقد أثبتت الدراسات أن البحر الأبيض المتوسط في لقائه مع المحيط الأطلسي عند مضيق جبل طارق بينهما برزخ ، ومن خلال التحليل الكيميائي لمياه كل منهما وجدوا أن البحر الأبيض المتوسط بالمقارنة مع المحيط الأطلسي حار ويختلف في ملوحته ، فالبحر المتوسط أكثر ملوحة من الأطلسي وأكثر حرارة ، ويختلف كل منهما في الكائنات الحية.
(أما بالنسبة لالتقاء الأنهار مع البحار واختلاطهما مع وجود البرزخ فقد أصبحت هذه الحقيقة من القضايا الثابتة علميا ويعبر عنها بالاصطلاح العلمي ب ظاهرة التوتر السطحي (Surface Tension) ، وملخصها ما يلي : أن كلا من الماء العذب والملح ، نظرا لاختلاف كثافتهما لا يتحد مع الآخر ولا يختلط به ، وإنما تنزع جزئيات الماء في كل منهما إلى الانكماش والتجاذب محدثة توترا في سطح كل منهما الأمر الذي يكوّن أغلفة شفافة فاصلة بين الكتلتين لا يمكن رؤيتها وبذلك لا تبغي إحداهما على الأخرى بالاختلاط ... وفي الخليج العربي تندفع الأنهار الجوفية العذبة قرب البحرين وقطر ، في مياه الخليج المالحة دون أن يختلط أحدهما بالآخر ، وعند ملتقى نهر (الكنج والجامونا) وفي مدينة (الله آباد) يتّحد ماء النهرين مع بقاء غشاء التمدد السطحي ، فاصلا بينهما طوال مسيرتهما وعند لقاء نهر النيل بمياه البحر المتوسط المالح ، يندفع خط من الماء الحلو ويشق طريقه وسط مياه البحر المالحة دون أن يختلط بها ، وفي باكستان الشرقية يسير نهران من (تشاتغام) إلى مدينة (أركان) في (بورما) ويمكن مشاهدة النهرين في نهر واحد ، يفصل بينهما شريط من الماء الملحي يسير كل من الماء العذب والملح في جانب دون اختلاط أو ذوبان ، وعند حدوث المد البحري بفعل جاذبية القمر ليلا ، يرتفع مستوى الماء البحري عند الشواطئ وبالتالي عند أفواه الأنهار التي تصب في