تدفعه وتهيجه ،
يقال : ثار الغبار إذا ارتفع : (فَيَبْسُطُهُ فِي
السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) يعني كيف يشاء الله عزوجل إن شاء بسطه مسيرة يوم أو أكثر (وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) يعني قطعا (فَتَرَى الْوَدْقَ
يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) يعني المطر يخرج من خلاله ، من وسط السحاب (فَإِذا أَصابَ بِهِ) يعني بالمطر (مَنْ يَشاءُ مِنْ
عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يعني يفرحون بنزول المطر) .
ويعلق على الآية
ابن كثير فيقول : (يبين تعالى كيف يخلق السحاب الذي ينزل منه الماء ، فقال تعالى :
(اللهُ الَّذِي
يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) إما من البحر كما ذكره غير واحد ، أو مما يشاء الله عزوجل : (فَيَبْسُطُهُ فِي
السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) أي يمدّه فيكثره وينميه ، ويجعل من القليل كثير ، ينشئ
سحابة ترى في رأي العين مثل الترس ، ثم يبسطها حتى تملأ أرجاء الأفق ، وتارة يأتي
السحاب من نحو البحر ثقالا مملوءة) .
ونحتاج للوقوف على
وجه الإعجاز أن نحلل بعض المفردات الواردة هنا : تثير ، سحب ، ودق ، أما معنى تثير
، ففي «لسان العرب» : (ثار الدخان والغبار وغيرهما يثور ثورا وثؤورا وثورانا ، ظهر
وسطع ، وثار القطا من مجثمه ، وثار الجراد ثورا وانثار ، ظهر) .
وأما معنى السحب ،
ففي كتاب «العين» : (السحب ، جرك الشيء ، كسحب المرأة ذيلها وكسحب الريح التراب ،
وسمي السحاب لانسحابه في الهواء) .
وفي «لسان العرب»
: (جرك الشيء على وجه الأرض ، كالثوب وغيره ، سحبه يسحبه سحبا فانسحب ، جرّه فانجر
، والمرأة تسحب ذيلها ، والريح تسحب التراب ، والسحابة : الغيم ، السحابة التي
يكون عنها المطر سميت بذلك لانسحابها في الهواء) .
وأما الودق ،
فمعناها : (الودق : المطر ، ودق ، كوعد ، قطر وإليه ودوقا وودقا ، دنا منه وأمكنه
وبه استأنس ، وبطنه اتسع أو استطلق ، والسماء أمطرت ، كأودقت) .
__________________