وفي «روح المعاني» : (أي جعلها بحيث يستقر عليها الإنسان والدواب ، بإبداء بعضها من الماء ودحوها وتسويتها حسبما يدور عليه منافعهم ، فقرارا بمعنى مستقرا لا بمعنى قارة غير مضطربة) (١).
وأما قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) ، (فالكفات اسم جنس أو اسم آلة ، لما يكفت أي يضم ويجمع ، من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه كالضمام والجماع لما يضم ويجمع) (٢).
(وإنما معنى الكلام ، ألم نجعل الأرض كفات أحيائكم وأمواتكم ، تكفت أحياءكم في المساكن والمنازل ، فتضمهم فيها وتجمعهم ، وأمواتكم في بطونها في القبور ، فيدفنون فيها ، وجائز أن يكون عني بقوله : (كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) تكفت أذاهم في حال حياتهم ، وجيفهم بعد مماتهم) (٣).
ولو رجعنا إلى معنى : (قَراراً) في اللغة لوجدناها تعطينا معنى الثبات والاستقرار ، يقول ابن منظور : (قرارا ، بطون الأرض قرارها ، لأن الماء يستقر فيها ، ويقال : القرار ، مستقر الماء في الروضة وقراره ومستقرّه ، تناهى وثبت) (٤).
ونجد في «مفردات ألفاظ القرآن» : (قرّ في مكانه يقرّ قرارا ، إذا ثبت ثبوتا جامدا ، وأصله من القرّ ... قال تعالى : (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) (٥).
وأما معنى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) ، (فالكفات ، الموضع الذي يضمّ فيه الشيء ويقبض ، والكفت ، القبض والجمع) (٦).
(أي تجمع الناس أحياءهم وأمواتهم ، وقيل : معناه تضم الأحياء التي هي الإنسان والحيوانات والنبات ، والأموات التي هي الجمادات من الأرض والماء وغير ذلك) (٧).
__________________
(١) روح المعاني ، للآلوسي ، ٢٠ / ١٦ ، وانظر : التفسير الواضح ، محمد محمود حجازي ، القاهرة ، مطبعة الاستقلال ، الطبعة السادسة ١٩٦٩ ، ٢٩ / ٨٠٣.
(٢) المصدر نفسه ، ٢٥ / ٢٨.
(٣) جامع البيان ، للطبري ، ٢٩ / ٢٢٥.
(٤) لسان العرب ، ابن منظور ، ١١ / ١٢٤.
(٥) مفردات ألفاظ القرآن ، الراغب الأصفهاني ، ص ٦٦٢.
(٦) لسان العرب ، ابن منظور ، ١٢ / ١١٧.
(٧) مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني ، ص ٧١٤.