وأما الدحو ، فيعني كذلك البسط : (دحا الأرض يدحوها ، بسطها ... والأدحوّة : مبيض النعام في الرمل ، ومدحى النعام ، موضع بيضها) (١).
وأما الطحو : (فالطحو كالدحو ، وهو بسط الشيء والذهاب به ، قال تعالى : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) (٢)) (٣).
وفي «لسان العرب» : (طحاه طحوا وطحوا ، بسطه ، وطحى الشيء يطحيه طحيا ، بسطه أيضا والطحو كالدحو وهو البسط ، والطاحي المنبسط) (٤).
وفي «معجم البلدان» : (طحا بالفتح والكسر ، الطحو والدحو بمعنى وهو البسط وفيه لغتان طحا يطحو ويطحى ، ومنه قوله تعالى : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) (٥).
هذا عرض موجز للنصوص القرآنية ، ولآراء المفسرين ، وما ورد في المعاجم حول الكلمات القرآنية التي تشير إلى كروية الأرض ، ولنا أن نتساءل الآن لما ذا استخدم الحق سبحانه وتعالى كلمة يكوّر ، ولم يقل يبسط الليل والنهار ما دامت الأرض منبسطة ظاهريا ، أو يغير الليل والنهار ، أو أي لفظ آخر؟ والجواب هو (إنك لو جئت بشيء ولففته حول كرة فتقول : أنك كورت هذا الشيء وحيث إن الغلاف الجوي للأرض يحيط بالأرض ، وحيث إن ضوء النهار ينشأ بالتشتت على ذرات وجسيمات هذا الغلاف ، فإن النهار والليل متكوران على الأرض ، وبهذا فإن الآية الكريمة تشير إلى كروية الأرض بدليل كروية غلافها الجوي بنهاره وليله ، وكذلك تشير إلى عملية التبادل بين النهار والليل نتيجة دوران الأرض حول نفسها ، وأن النهار والليل موجدان في نفس الوقت حول الكرة الأرضية ، فنصف الأرض المواجه للشمس يكون نهارا والنصف الآخر يكون ليلا ، ولن يسبق أحدهما الآخر ، فعند ما تدور الأرض حول نفسها يصبح النهار ليلا ويصبح الليل نهارا) (٦) ، وهكذا يتعاقبان كما في قوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٧).
__________________
(١) المصدر نفسه ، ١٤ / ٢٥١.
(٢) سورة الشمس ، الآية : ٦.
(٣) مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني ، ص ٥١٧.
(٤) لسان العرب ، لابن منظور ، ١٥ / ٤.
(٥) معجم البلدان ، ياقوت الحموي ، ٤ / ٢٢.
(٦) الكون والإعجاز العلمي في القرآن ، منصور حسب النبي ، ص ١٥٠.
(٧) سورة يس ، الآية : ٤٠.