هذا هو القرار العلمي الذي توصل إليه الدارسون ، وهذا هو الواقع الذي ينطق الكون به ، لأن الكون متغير وكل ما قد خضع لقانون التغير والتبدل ، فإنه حادث مصيره الفناء ولو بعد حين.
ونزيد في التأكيد على نهاية الكون من الناحية العلمية ، باستعراض نتائج ما استقر في دراسات الباحثين حول هذه القضية ، يقول «ستيفن وينبرغ» : (وسيقف توسعه عند حد يتبعه بعدئذ انكماش متسارع ، وستهبط درجة حرارة الخلفية الكونية (للفوتونات) و (النوترينوات) (١) ، ثم ترتفع تبعا لانتقال الكون من طور التوسع إلى طور الانكماش ، وستتغير دائما بتناسب عكسي مع قدر الكون ... وستبدأ الجزئيات في أجواء النجوم والسيارات بالتفكك إلى ذراتها المكونة لها ، وستنفصل (إلكترونات) الذرات عن نواها لتصبح حرة طليقة ، ثم تذوب النجوم والسيارات في حساء كوني من الإشعاع ...) (٢).
(وأثناء استمرار هذا التوسع تبتعد المجرات بالتدريج ، ويخبو نورها حتى تصبح غير مرئية ، وكل مادة منها ما لم تبتلعها الثقوب السوداء ستبرد ببطء حتى تبلغ درجة حرارة الفضاء الصقيعية إلى الأبد ... حتما وهناك في العلم وضع تنبؤات تولد كآبة لا تقل عمقا عن كآبة موت العالم الحي) (٣).
(وفي نهاية المطاف يتحول النجم المتقلص إلى بؤرة غير مرئية ، يحيطها مجال جذبي شديدة القوة يمتص ويبتلع كل ما يمر جواره من أجسام مادية أو (فوتونات ضوئية) ، أو نجوم هرمة مكدسة ومنكمشة ، ويرافق النجم المنهار المتقلص ازدياد في شدة المجال
__________________
(١) النوترينوات ، neutrino ، جسيم أولي من المادة ، خفيف الوزن للغاية ، وربما من دون كتلة ، يتأثر بالقوة الضعيفة وبالجاذبية دون سواهما. انظر : موجز في تاريخ الزمان ، ستيفن هوكنغ ، ص : ٢١١.
(٢) الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون ، ستيفن وينبرغ ، ص : ١٩٨.
(٣) المكان والزمان في العالم الكوني الحديث ، ب. د. ديفيس ، ترجمة ، أدهم السمان ، دمشق ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٩ ه / ١٩٨٨ ، ص : ٢٠٥ ، وانظر : أعماق الكون ، سعد شعبان ، القاهرة ، دار الكتاب العربي ، د. ت ، ص : ٣٥٠ ، وانظر : من الذرة إلى المجرة ، محمد صالح المحب ، بيروت ، دار الفكر اللبناني ، د. ت ، ص : ٩٤.