بعيدة جدا بحيث إنها بخلاف النجوم القريبة التي تبدو في الواقع ثابتة ، واضطر «هبل» بسبب ذلك إلى استخدام وسائل غير مباشرة لقياس المسافات ، وقام «هبل» بحساب المسافات إلى تسع مجرات مختلفة ، ونحن نعرف الآن أن مجرتنا ليست إلا واحدة من مجرات يناهز عددها مائة ألف مليون مما يمكن رؤيته باستخدام (التلسكوبات الحديثة) ... واكتشاف أن الكون يتمدد هو إحدى الثورات الثقافية العظيمة في القرن العشرين) (١)
ويقول «ستيفن هوكنغ» أيضا : (بعد انقضاء ساعات قليلة على الانفجار العظيم يكون توليد (الهليوم) (٢) والعناصر الأخرى قد توقف بعد ذلك ، وحتى لفترة مليون سنة تلت أو نحو ذلك يكون الكون قد استمر في توسعه من دون حدوث ما هو ذو شأن يذكر ، وأخيرا عند ما تكون الحرارة قد انخفضت إلى آلاف قليلة من الدرجات ، ولم يعد (للإلكترونات) وللنوى ما يكفي من الطافة للتغلب على الجاذبية الكهرومغناطيسية فيما بينها ، تأخذ هذه (الإلكترونات) والنوى بالتكتل لتكوين الذرات ويكون الكون ككل قد استمر في التوسع والتبرد) (٣).
ثم إن (المراقبين في سائر المجرات النموذجية ، يرون دفعة مادية واحدة وفي جميع الاتجاهات ، وفي أثناء هذا التوسع تزداد أطوال موجات الأشعة الضوئية متناسبة مع المسافة بين المجرات ، ولا يظن أن هذا التوسع هو نتيجة لقوة كونية دافعة ، بل إنه ببساطة سرعة انفلات وهروب اكتسبتها الأجرام عند حدوث انفجار سابق ، وهذه السرعة تتناقص تدريجيا تحت تأثير الجاذبية) (٤).
ولقد أكدت قياسات «هبل» (أن جميع المجرات ، حتى الموغلة في الأعماق السحيقة من الكون تتحرك مبتعدة عنا وبسرعات هائلة ، وتبدو لأعيننا وكأن الكون ينفتح
__________________
(١) موجز في تاريخ الزمان ، ستيفن هوكنغ ، ترجمة ، مصطفى فهمي ، القاهرة ، مكتبة الأسرة ، ٢٠٠١ ، ص : ٤٤ ، وانظر : علم الفلك العام ، مرفت السيد عوض ومصطفى كمال محمود ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٠ ه / ٢٠٠٠ ، ص : ٢٧٥.
(٢) الهليوم ، أخف العناصر وأكثرها وفرة بعد الهيدروجين ، كل ذرة هليوم تحتوي إلكترونين حول نواتها. الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون ، ستيفن وينبرغ ، ص : ١٨٨.
(٣) موجز في تاريخ الزمان ، ستيفن هوكنغ ، ص : ١٤٢.
(٤) الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون ، ستيفن وينبرغ ، ص : ٦٣.