تطول فتخف حدتها إذا كانت صادرة عن جسم يبتعد عن راصده ، هذه الظاهرة المعروفة في الفيزياء باسم ظاهرة «دوفلر» ، وقد اكتسبت نظرية «دوفلر» هذه أهمية كبرى في علم الفلك عام ١٨٦٨ ، عند ما استخدمت في دراسة الخطوط الطيفية المنفصلة ، فقد برهن العلماء في ذلك العام أن في الخطوط المظلمة من أطياف بعض النجوم إزاحة بسيطة نحو الأحمر أو الأزرق مقارنة مع طيف الشمس) (١).
ثم جاء «أنيشتاين» (٢) بنظريته النسبية (والتي تمثل مراجعة شاملة لقوانين الفيزياء التقليدية ، فعند ما فرغ أنيشتاين من صياغة النظرية النسبية العامة في عام ١٩٢٥ ، حاول استغلال نظريته في بناء نموذج نظري للكون ، ولا بد من الإشارة إلى أن النظرية النسبية هي نظرية للجاذبية ، تطبق على الأنظمة الحركية المنتظمة وغير المنتظمة ، ويعتبر أنيشتاين بنظريته النسبية أن الجاذبية تمثل انحناء أو تحدبا في النسيج الزمكاني «الزمان والمكان» وبغياب الجاذبية يصبح كل من الزمان والمكان مسطحا ، وفي حالة وجود مجال جذبي ينحني الزمان والمكان ... ورغم أن نظرية أنيشتاين حول الجاذبية أكثر دقة ، إلا أنه لم يكن متأكدا من صحة ما توصل إليه في بناء النماذج النظرية للكون ، ولم يكن أحد في ذلك الحين أيضا يظن أو يشك بوجود حركات كبرى في الكون ، ولذلك اتجه أنيشتاين في أبحاثه إلى وضع نماذج ثابتة للكون ، وقد تعرضت جهوده في هذا المجال للإحباط الشديد ، فكلما سعى إلى بناء نموذج رياضي للكون يجد أن عمله يؤدي إلى كون ينكمش ، وبدلا من أن يتابع ما توصل إليه في حساباته ويوافقها إذ كانت صيغته الرياضية تقوده دائما إلى حقيقة تدل على أننا لا نحيا في كون ثابت ، ولذلك بدأ
__________________
(١) الكون وأحجار الفضاء ، محمد فتحي عوض ، دمشق ، دار الوثبة ، الطبعة الثانية ، ١٩٨٣ ، ص : ٤١ ، وانظر : المحيرات الفلكية ، عبد الرحيم بدر ، الكويت ، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، الطبعة الأولى ، ١٩٨٤ ، ص : ٣٠.
(٢) أنيشتاين ، ١٨٧٩ ـ ١٩٥٥ ، فيزيائي ألماني ، صاحب نظرية النسبية المشهورة التي لا يفهمها إلا نفر ضئيل ، وهو من علماء الرياضيات ومن أعمق المفكرين ، أتم دراسته الثانوية في ميونخ ، وأخذ الجنسية السويسرية ، واستقر في برلين وعين عضوا في أكادمية العلوم فيها عام ١٩١٣ ، ونشر نظرية النسبية. انظر : مشاهير القرن العشرين ، محمد بوذينة ، تونس ، مطبعة تونس ، الطبعة الأولى ، ١٩٩٤ ، ص : ٨٩ وانظر : أعلام الحضارة ، سمير شيخاني ، بيروت ، مؤسسة عز الدين ، ١٤٠١ ه / ١٩٨١ ، ص : ٢٣٨ ، وانظر : الأطلس الفلكي ، محمد عصام الميداني ، ص : ٨٧.