لكننا نجده هنا يخالفه ويأخذ بالملامة على الذين يفسرون القرآن بالعلم ، ففي مقدمة تفسيره يقول :
(كان من سوء حظ المسلمين أن أكثر ما يكتب في التفسير يشغل قارئه عن هذه المقاصد العالية ، والهداية السامية ، فمنها ما يشغله عن القرآن بمباحث الإعراب وقواعد النحو ، ونكت المعاني ومصطلحات البيان ، ومنها ما يصرفه عنه بجدل المتكلمين ، وتخريجات الأصوليين ، واستنباطات الفقهاء المقلدين ، وتأويلات المتصوفين ، وتعصب الفرق والمذاهب بعضها على بعض ، وبعضها يلفته عنه بكثرة الروايات ، وما مزجت به من خرافات الإسرائيليات ، وقد زاد الفخر الرازي ، صارفا آخر عن القرآن هو ما يورده في تفسيره من العلوم الرياضية والطبيعية ، وغيرها من العلوم الحادثة في الملة على ما كانت في عهده كالهيئة الفلكية اليونانية وغيرها ، وقلده بعض المعاصرين بإيراد مثل ذلك من علوم هذا العصر وفنونه الكثيرة الواسعة ، فهو يذكر فيما يسميه تفسير الآية فصولا طويلة بمناسبة كلمة مفردة ، كالسماء والأرض من علوم الفلك والنبات والحيوان تصد قارئها عما أنزل الله لأجله القرآن) (١).
هذا هو رأي المعارضين للإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، وسوف يتحدث المبحث القادم بعون الله عن أدلة الفريقين مع ذكر الترجيح.
__________________
(١) تفسير المنار ، رشيد رضا ، ١ / ٧.