الحقائق الدينية يقينيّة وأن النظريات العلمية مبنية على الظن والحدس (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (١) ، فلا يمكن للنظرة العلمية أن تتصادم مع الحقائق الدينيّة ، لأن مصدر الدين والعلم واحد قال تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) (٢) وقال : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) (٣) في هذا الجو المحموم من الفتنة بالعلم كان لا بد من التصدى لوثنية العلم وعولمة الإلحاد فجاء هذا الكتاب لعرض الحقائق العلمية المبثوثة في كتاب الله (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (٤) كل آية من كتاب الله لها منطوق ومفهوم والمستفاد بالعبارة والإشارة والقرآن حمّال معاني إلى قيام الساعة له دلالة بالنص والعبارة وله دلالة بالإشارة بالمنطوق والمفهوم قوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٥) نص بالنفقة على الوالد وقوله : المولود له مع مولود لهما إشارة إلى أن النسب للأب ، وفي قوله تعالى : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٦) في معرض التحدي والرد على منكري البعث ، العين أعقد تركيبا من البنان ولكن المراد إن لكل إنسان بنانه الخاص وبصمته التي تميزه عن سواه ، ومن آياته أيضا اختلاف ألسنتكم وألوانكم ، وإعجاز القرآن يتجلى بأنه كتاب هداية وعلم أدنى العامة فهما يقرأه فيهتدي بمواعظه وأعلى الخاصة فهما يقرأه فيجد فيه الفلسفة العميقة والعلم الدقيق.
وختاما جزى الله المؤلف خير الجزاء ، ونفع به وبمؤلفه المؤمنين والمسلمين ، وجعل هذا الكتاب دستور هداية لكل طالب للحقيقة وبداية لمزيد من الكشف والبحث ، فهو الكتاب الذي لا تفنى عجائبه ، ولا تنفد غرائبه ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يمله الحكماء ، ولا يبلى على كثير والرد ... والسلام.
الشيخ محمد حكمت المعلم
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٨٢.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٣١.
(٣) سورة الشورى ، الآية : ١٣.
(٤) سورة الأنعام ، الآية : ٣٨.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٣.
(٦) سورة القيامة ، الآية : ٤.