ومشاكلة بعض
أجزائه بعضا ، وحسن ائتلاف أنواعها ، والتئام أقسامها ، وحسن التخلص من قصة إلى
أخرى ، والخروج من باب إلى غيره على اختلاف معانيه ، وانقسام السورة الواحدة إلى
أمر ونهي وخبر واستخبار ، ووعد ووعيد ، وإثبات ونبوة ، وتوحيد وتفريد ، وترغيب
وترهيب ، إلى غير ذلك من فوائده دون خلل يتخلل فصوله) .
ثم يذيّل القاضي
عياض عرضه لهذه الأوجه بخاتمة ينبه فيها إلى أن كل ما سرده هنا إنما هو من خواص
القرآن وفضائله ، والقول الفصل هو ما حصره في الأوجه الأربعة التي سبق وأن قررها ،
يقول في ذلك : (وهذا كله وكثير مما ذكرنا ، أنه ذكر في إعجاز القرآن ، إلى وجوه
كثيرة ذكرها الأئمة لم نذكرها إذ أكثرها داخل في باب بلاغته ، فلا يجب أن يعد فنّا
منفردا في إعجازه ، إلا في باب تفصيل فنون البلاغة وكذلك كثيرا مما قدمنا ذكره
عنهم يعد في خواصه وفضائله ، لا إعجازه) .
يتّضح لنا من خلال
عرض رأي القاضي عياض رحمهالله في أوجه إعجاز القرآن أنه لم يأت بجديد وإنما أجمل ما ذكره
الإمام الباقلاني في كتابه «إعجاز القرآن» مع إضافات يسيرة جاء بها كقوله : جمع
القرآن علوما ومعارف لم يجمعها كتاب قبله على إيجازه وغيرها ...
ثم إننا نجد الوجه
الثاني «نظم القرآن العجيب» هو الذي دار حوله أكثر العلماء الذين تناولوا قضية
إعجاز القرآن ، وما انطوى عليه من أسرار ، لأن نظم القرآن كان متفردا وبديعا ،
بحيث لم يقع العرب على مثله من قبله أبدا ، بخلاف الوجه الأول الذي كان محطة نقاش
وخلاف بين العلماء ، هل يعتبرونه وجها من أوجه إعجاز القرآن ، أم أنه دليل من
دلائل الإعجاز؟.
ومما يلاحظ على
القاضي عياض أنه قد حصر أوجه إعجاز القرآن في الأربعة المذكورة ، وألحقها بوجوه
قالها الأئمة من قبله ولم يعتبرها هو أوجها إنما اعتبرها من خواص القرآن ، من هذه
الملحقات التي لا نوافقه على أنها ملحقة إلحاقا ، وليس وجها من أوجه الإعجاز قوله
: ومنها ، أي من وجوه الإعجاز الروعة التي تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم عند سماعه ،
والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته ، لقوة حاله ... والحق أن هذا
__________________