المبحث الثاني
الفرق بين معجزة النبي
ومعجزات الأنبياء السابقين عليهمالسلام
أولا : معجزات الأنبياء عليهمالسلام
من القضايا البدهية في تاريخ الأديان وسير الأنبياء والمرسلين ، أن الحق تبارك وتعالى جعل لكل نبي من الأنبياء آية أو معجزة تدل على صدق دعواه ، وتفتح هذه المعجزة باب التحدي للقوم المرسل إليهم ، لتبرز لهم وجوه الإعجاز التي لم يسبق لهم وأن تعاهدوها في سالف حياتهم أو حاضرهم.
ومن كمال الحكمة أن تكون تلك المعجزة منسجمة وملائمة لما نبغ فيه القوم وشاع في أوساطهم ، في مختلف المجالات وشتّى مرافق الحياة ، والباعث على هذه الملائمة تعزيز إدراك كنه المعجزة وطبيعتها ، والكشف عن خواصها وحقيقتها ، ليتسنّى للقوم المرسل إليهم معرفة وجه الحق من الباطل ، ولن يتمكنوا من اتخاذ موقف حيال هذه الدعوى التي عرضت عليهم إلا بعد معرفتها فإذا ما تجلت لهم واتضحت ، استطاعوا يوم ذاك أن يصدروا الحكم عليها سلبا أو إيجابا لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما هو معلوم.
ولا غرابة أن يؤيد النبي بأكثر من معجزة ، بل إن في ذلك ترسيخا لصدق مدعيها وتأكيدا على وجوب الخضوع لسلطانها والانقياد لمستلزماتها.
(فموسى عليهالسلام قد حمل إلى بني إسرائيل عصا كانت تتفجّر منها المعجزات ... يلقي بها من يده فتنقلب حية تسعى ، ويضرب بها البحر فينفلق عن طريق يبس بين جبال عالية من الماء ... ويضرب بها وجه الحجر فيتفجر منه الماء ، وتسيل العيون ... ثم كان معه إلى جانب تلك العصا ومعجزاتها معجزة أخرى هي يده ، يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء ... ثم من معجزاته كذلك سوق آيات النقمة والبلاء على