إبليس على لسانه : فإنّها للغرانيق الأولى ، وإن شفاعتهنّ لترجى. ففرحت قريش ، وسجدوا ، وكان في القوم الوليد بن المغيرة المخزومي وهو شيخ كبير ، فأخذ كفّا من حصى ، فسجد عليه وهو قاعد ، وقالت قريش : قد أقرّ محمد بشفاعة اللات والعزّى ، قال : فنزل جبرئيل عليهالسلام ، فقال له : قد قرأت ما لم أنزل به عليك ، وأنزل عليه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ).
وأما الخاصّة فإنهم رووا عن أبي عبد الله عليهالسلام : «أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصابته خصاصة ، فجاء إلى رجل من الأنصار ، فقال له : هل عندك من طعام؟ فقال : نعم ، يا رسول الله. وذبح له عناقا (١) ، وشواه ، فلما أدناه منه تمنّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أن يكون معه علي وفاطمة والحسن ، والحسين عليهماالسلام.
فجاء أبو بكر وعمر ، ثم جاء علي عليهالسلام بعدهما ، فأنزل الله في ذلك : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) ولا محدّث (إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) يعني فلانا وفلانا (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) يعني لمّا جاء علي عليهالسلام بعدهما (ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) يعني بنصرة أمير المؤمنين عليهالسلام».
ثم قال : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً) يعني فلانا وفلانا (لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) قال : الشكّ (وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) إلى قوله : (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني إلى الإمام المستقيم. ثم قال : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي في شكّ من أمير المؤمنين عليهالسلام (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) قال : العقيم : الذي لا مثل له في الأيام (٢).
__________________
(١) العناق : بالفتح ، الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول. «مجمع البحرين ـ عنق ـ ج ٥ ، ص ٢١٩».
(٢) تفسير القميّ : ج ٢ ، ص ٨٥.