والرزق وغيرهما. (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي : إلى حكمه تصيرون يوم القيامة ، فيجازيكم على قدر أعمالكم. ثم خاطب العرب فقال : (وَإِنْ تُكَذِّبُوا) أي : وإن تكذبوا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم (فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) أنبياءهم الذين بعثوا إليهم (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي : ليس عليه إلا التبليغ الظاهر البين ، وليس عليه حمل من أرسل إليه على الإيمان.
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) يعني كفار مكة الذين أنكروا البعث ، وأقروا بأن الله هو الخالق ، فقال : أو لم يتفكروا فيعلموا كيف أبدأ الله الخلق بعد العدم ، ثم يعيدهم ثانيا إذا أعدمهم بعد وجودهم. قال ابن عباس : يريد الخلق الأول ، والخلق الآخر.
(إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) غير متعذر ، لأن من قدر على الإنشاء والابتداء فهو على الإعادة أقدر. ثم خاطب محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (قُلْ) لهؤلاء الكفار (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) وتفكروا في آثار من كان فيها قبلكم ، وإلى أي شيء صار أمرهم لتعتبروا بذلك ، ويؤديكم ذلك إلى العلم بربكم. وقيل : معناه انظروا وابحثوا هل تجدون خالقا غير الله ، فإذا علموا أنه لا خالق ابتداء إلا الله ، لزمتهم الحجة في الإعادة ، وهو قوله (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) أي : ثم الله الذي خلقها وأنشأ خلقها ابتداء ينشئها نشأة ثانية. ومعنى الإنشاء : الإيجاد من غير سبب.
(إِنَّ اللهَ) تعالى (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي : إن الله على الإنشاء والإفناء ، والإعادة ، وعلى كل شيء يشاؤه ، قدير (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ١٥ ـ ١٦.