تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٠) [سورة العنكبوت : ١٦ ـ ٢٠]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : ثم عطف سبحانه على ما تقدم فقال (وَإِبْراهِيمَ) أي : وأرسلنا إبراهيم (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) أي : أطيعوا الله وخافوه بفعل طاعاته ، واجتناب معاصيه. (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أي : ذلك التقوى خير لكم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ما هو خير مما هو شر لكم (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) ما في هذا الموضع كافة ، والمعنى : إنكم تعبدون أصناما من حجارة ، لا تضر ، ولا تنفع (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) أي : تفتعلون كذبا بأن تسمو هذه الأوثان آلهة ، ... وقيل : معناه وتصنعون أصناما بأيديكم. وسماها إفكا لادعائهم أنها آلهة ...
ثم ذكر عجز آلهتهم عن رزق عابديها فقال : (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) أي : لا يقدرون على أن يرزقوكم. والملك : قدرة القادر على ماله أن يتصرف في ماله أتم التصرف ، وليس ذلك إلّا لله على الحقيقة ، فإن الإنسان إنما يملك ما يملكه الله تعالى ، ويأذن له في التصرف فيه. فأصل الملك لجميع الأشياء لله تعالى ، فمن لا يملك أن يرزق غيره ، لا يستحق العبادة ، لأن العبادة تجب بأعلى مراتب النعمة. ولا يقدر على ذلك غير الله تعالى ، فلا يستحق العبادة سواه.
(فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) أي : اطلبوا الرزق من عنده دون من سواه (وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ) على ما أنعم به عليكم من أصول النعم ، من الحياة